وعندما..

1
هي مستشفى حكومي، يمارس فيها طبيب الباطنة مهام وظيفته حسب ما تعلمه في أولى حضانة.. الإملاء فقط لا غير..
(المريض يقطع التذكرة بجنيه.. ويخبر الطبيب: "عايز مضاد حيوي ومسكن".. فـَ يكتب الطبيب على تذكرة الكشف باللغة العربية "مضاد حيوي ومسكن" دون تحديد نوع هذا أو ذاك.. وأهو الصيدلي في المستشفى هـَ يطلـَّع الموجود عنده..)
قبل ساعة من موعد الانصراف.. كانت الجلسة المعتادة..
طبيب مسيحي وسط 3 أطباء ومـُسعفيـّن وعامل.. جمعيهم مسلمون..
ملتفون حوله، في محاولة إقناعه بالإسلام وهم يسخرون من ديانته..
وعندما.. اقترب منهم الطبيب الجديد (حديث التعيين).. وجدهم وقتها يضربون أكفهم في غيظ واستغراب من ثبات الطبيب المسيحي على ديانته الملأى بالخرافات..
كانوا يبدون وكأنهم عباقرة بالفعل.. مغتاظون جداً من هذا الغباء الذي يجعل مسيحياً متمسكاً بديانته، دون محاولة فهم أعظم دين في العالم.. أعظم دين في التاريخ.. الدين المكتوب على صفحة السما إنه هيكسب معانا بـِ إذن الله..
نظر الطبيب الجديد -حديث التعيين- إلى الطبيب القبطي الذي بدا خائفاً مرتعشاً لا يستطيع أن يرد سخريتهم من ديانته إلا بـِ كل تخاذل..
وقتها أتت لحظة التدخل.
2
وعندما همس إليها الجميع حول ذلك الطبيب الجديد، غريب الأطوار الذي لا يفهموا من كلامه إن كان مسلماً أم مسيحياً أم كافراً ولعياذ بالله.. ذهبت الممرضة المنقبة إليه، لتسأله عن ديانته، رغم أنها واضحة من الاسم.. فـَ حاول الطبيب أن يشرح لها وجهة نظره بأبسط الطرق الممكنة التي قد تـَصـِل لـِ عقلية كـَ هذه.. فـَ وجدها تقاطعه لـِ تـُخبره أنها تتقبل فكره الذي لم تعرف عنه شيئاً بعد، وأن المظاهر الدينية بالطبع ليست مقياس.. فـَ أختها منقبة لكنها (مابتركعهاش) كما أنها تنقبت خشية من سحر جارتها المسيحية.. غير أننا نعتمد على رحمة ربنا التي قد تجعله يغفر للطبيب تدخينه، ويغفر لأي أنثى الخيانة أو الزنى مثلاً.. وقتها فرك الطبيب يديه في ترقب واستمتاع، قائلاً: "يا أهلاً وسهلاً.."، فـَ انطلقت في حكايتها الظريفة المسلية، التي أكثر ما أعجبه فيها أنها لا تعرف بصورة قاطعة نسب طفلها الثالث.. دون أن تنسى الإعلان عن رغبتها: أن تـُطـَبـَق الشريعة الإسلامية في مصر.
بينما هو يتساءل بينه وبين نفسه: لماذا أنا بالذات من يصادف هذه القصص؟؟
3
بالطبع يا أحمق لأنه لا يبدو من مظهرك أنك متدين على طريقة هؤلاء الذين لا يصدقوا هذه القصص، ويرونها تشويه لـِ مجتمع إسلامي فاضل.. فـَ منظر الزبيبة واللحية الدينية لن يكون صاحبهما مرحـَبـَاً به لـِ يستمع إلى فضائح مجتمعك الفاضل.. فـَ يزداد إيمانه بـِ عدم وجودها.. وتقوى لديه نظرية المؤامرة التشويهية التي تمس المنتقبات الفاضلات.. لأنك لو كنت من هؤلاء -متديني المظهر، عدوانيّ السلوك كأي متدين مصري معتاد- لـَما اقتربـَت أصلاً منك، لـِ تفضي إليك بـِ فضائحها بـِ كـُل سـَهوكة، رغم أنك لم ترَ منها إلا عينيها -وجزء من ساقها لم يهدأ ألمه إلا حين ضغطت لها عليه- وطبعاً مع دعوة مفتوحة لمعاينة باقي أعضائها المقدسة..

إنها مجرد صورة معتادة من المجتمع المصري المتدين الـ "سكيزوفريني" الذي لن يقبل اِختلافك إلا لو كنت ذا قابلية على الانحراف المشترك.. ولو لم توجد، فـَ ليكن تشويه الصورة هو الفرض الإسلامي الأول.. وطبعاً أضعف الإيمان..
4
يـُمكنك الآن أن تصف لي رد فعلك المتحضر عندما تعود إلى بيتك لتشاهد رسم خرائي يشبه الكاريكاتير يخبرنا أن العاهرات والسكارى هم فقط من يريدونها دولة علمانية..
أو شيخ تتراقص لحيته يتغنى بـِ ضلال العلمانيين وأننا لن نشهد أي تقدم إلا لو طبقنا شرع الله..
وربما تتساءل وقتها: أليست العلمانية هي الأحق بـِ التطرف؟
......................

ملحوظة: هذه واحدة من محاولاتي، مدفوعة الأجر.. في تشويه صورة المسلمين العظماء.. سادة العالم.. وأفشخ أمة أُخرجـَت للناس..