محتوى المدونة لا يناسب من تقل أعمارهم عن 17 سنة !! (مش أنا اللي بقول)

OnePlusYou Quizzes and Widgets

Created by OnePlusYou - Free Dating Sites

سـِفـْرْ عـَاشـُوريات

04‏/03‏/2010

"لـَن يَعرِّف"




...........
1
"سيد"
....
كانت فرحة "سيد رضوان" الكناس لا توصف ..
بعد 10 سنوات زواج .. أنجبت له زوجته "الولد" أخيراً ..

"سيد" نشأ في بيئة مهمشة ..
لا يذكر من طفولته وصباه إلا أنه كان ينام وسط أكثر من 10 أخوة ..
وأحياناً تحتهم أو فوقهم ..
في العشوائيات ..
حيث البشر يصادقون الكلاب وكلهم يأكلون من الزبالة ..

جرب كل أنواع المهن ..
صبي ميكانيكي .. سباك .. صبي حداد .. صبي كواء .. صبي بقال .. وفي كل مرة كان لا يستمر في العمل ..

كان مصاباً بربوٍ قاسِ منذ مولده .. يتطلب علاجاً لا تقدر أسرته على ثمنه ..
كان العلاج الحكومي لم يأت معه بشيء ..
وكان تأثير الدواء يحدث وقت انتهاء النوبة على أي حال ..
فلا نفع مرجو منه ..
فلم يكن له علاج لتسكينه إلا استخدام .. مستنشق من مادة
Ipratropium Bromide
المفيدة لمرضى القلب كحالته ..
هو أيضاً وُلِّد بعيب خلقي في احدى صمامات القلب .. لا يصلح معه إلا هذا الدواء , باهظ الثمن ..

فكان علاجه الوحيد عندما تأتيه نوبة ضيق النفس .. أن يستريح عن عمله بالساعة أو الاثنين .. حتى يقل تأثير الهستامين في دمه .. فتعود شعبه الهوائية لتنبسط من جديد ..

صعب على "سيد" أن يجد أي عمل خاص ..
فالعمل الخاص يتطلب يقظة واستعداد دائمين ..
عكس العمل الحكومي ..

حتى تم قبوله .. في شركة نظافة متعاقدة مع الحكومة المصرية ..

أن يعمل كناساً في الشوارع .. مقابل بعض الملاليم ..
وكان عندما تزوره أزمة الربو أثناء العمل .. يجلس على أقرب رصيف ليلتقط أنفاسه ..
بينما زملاؤه (بيغطوا) عليه .. ويساعدوه ..

كان غبار الشوارع الذي يخلفه البشر من حوله .. يزيد عليه نوبة المرض .. بل ومطلوب منه أن يكنسه أيضاً!

هذا حال "سيد" ومن هم على شاكلته على أي حال ..
.............
2
"فرج"
...........
وكان ضمن فريق عمله , رجل عجوز , لكنه ذو صحة وبأس شديدين ..
أجره الشهري يفوق أجر "سيد" بــ70 جنيهاً ..
كان عم "فرج" يعطف كثيراً على "سيد" لدرجة أن الأخير عندما كان يجلس على الرصيف ليلتقط أنفاسه .. كان عم "فرج" يأتي إليه بجزء من البقشيش الذي تركه له الرجل ذو العربية الفارهة .. الذي ما أن يراه أحد الكناسين .. فيمرر مكنسته أمام عربته وأمام خطواته وهو قادم .. فيعطيه الرجل ما يجود به ..

عم "فرج" يعيش مع زوجته .. بعد أن هجرهما ولداهما ..
ولهذا قصة تروى ..

دوماً ما كان يجلس أحد الكناسين قرب "سيد" –أثناء نوبته- ليحكي إليه عن فضائح عم "فرج" ..

وكانت تأتيه شذرة من حكاية ما , ليكملها آخر .. أو يناقضها غيره ..
فكان من ضمن ما يُروى عن عم "فرج" أنه رجل خسيس , لا يستحي .. رغم كرمه وطيبة قلبه !

فسبق أن فوجئت حارته بصراخ هائل من ابنته الوحيدة .. متهماه بأنه يريد التحرش بها .. لكن عم "فرج" عاد إلى الناس ليخبرهم أن ابنته هذه مجنونة .. وأنها تفعل هذا لأنه معترض على تزويجها لشاب صايع تريده زوجاً ..
"بت الكلب عايزاني أجوزها عيل خول , وجاية ترمي بلاها عليا"

وبمجرد ما تزوجت البنت .. نسى أهل الحارة ما حدث وغرقوا في اهتمامتهم والبحث عن فضائح أخرى من جديد ..

إلا أن سرعان ما ظهرت فضيحة جديدة ..
لكن هذه الفضيحة , كانت صامتة .. دون صراخ ..
يدور عليها خبثاً وتلميحاً بين أهالي الحارة ..

بعد ما زَوّجَ عم "فرج" ابنه .. أتى وزوجه ليقيما معه في البيت .. وكان الأمر الذي يدعو لتخابث الناس .. أن عم "فرج" عندما كان يجلس على القهوة .. يشرب المعسل والشاي .. أول ما يأتي ولده .. ليجلس بجواره .. يتحجج عم "فرج" بأنه أُصيب بصداع مفاجئ .. وتارة يدعي أنه يريد النوم .. وتارة أنه جوعان .. فيرجع إلى البيت ..تكرر هذا الأمر كثيراً .. مع ملاحظة أن زوجة عم "فرج" عاجزة , لا تغادر السرير ..

لكن بمجرد ما ذهب الابن بزوجته إلى الصعيد ليلتحق بعمل ومسكن ملائمين .. نسى الناس الأمر من جديد ..

وإن بقت تلك الأمور ليتذكرها البعض أثناء الفراغ بين حين وحين ..

"سيد" لم يكن يصدق هذا الكلام ..
فهو كان يسمعه غالباً في أوقات أزمته التنفسية –التي تكون غالباً أوقات راحته- فلا يقوى على الدفاع عن صديقه .. فيكتفي بالسمع والهمهمة والإنصات .. فيعتقد محدثوه أنه يوافقهم على هذا الكلام .. فيواصلون الثرثرة ..
..............
3
"نعمة"
.................
حتى أمثال "سيد" يتزوجون ..
كانت فتاة معقولة الجمال لو اغتسلت ..
تبيع الذرة المشوي مع والدها ..
تسكن في الدويقة ..
حيث يعيش "سيد" ..
أو بمعنى أدق (لو رأيت مسكنه , لقلت ..) .. حيث يموت "سيد" ..
أو باعتبار ما سيكون (لقلت ..) .. حيث كاد يموت "سيد" عندما حدث انهيار صخري ..
أزال بيته من الوجود ..
ومات والد "نعمة" مع انهيار منزله ..

حدثت تلك الكارثة في السنة التاسعة من زواج "سيد" بــ "نعمة" ..
وكان لحسن حظه – أم لسوءه – أنه كان خارج البيت في العمل هو وزوجه وقتها ..

فأصبحا بلا مأوى ..

حتى عطف عليهما عم "فرج" .. بأن استضافهما في منزله .. حتى يجدا سكناً جديداً أو حلاً بديلاً لدى الحكومة ..

فقبـّل يد عم "فرج" وهو يبكي ..

وانتقل وزوجته للعيش معه ..

وكان يذهب غالباً إلى العمل مع عم "فرج" .. فيماعدا أيام أجازات أحدهما ..
بينما "نعمة" كانت تبدأ تسرح ببضاعتها من الظهر ..
....
كان "سيد" قبلها قد جرب كل الأعشاب التي تساعد على الإنجاب ..
أعشاب تقوي الانتصاب ..
أعشاب تزيد عدد الحيوانات المنوية ..
وأعشاب تقوي كفاءتها ..
جرب كل خزعبلات الدجالين والنصابين ..
كلها أتت بلا فائدة ..

كان يعلم أن عيب الإنجاب آتٍ منه ..
وخاصة في عدم رضا "نعمة" من ممارساته معها , التي ينجح فيها !!

حتى دله عم "فرج" على رجل (بركة) ..
يفعل السحر , ويصنع المعجزات ..
لم يزره أحد إلا وتحقق مناه ..

وذهب إليه "سيد" ..
وكانت المعجزة ..
أن زوجته قد بانت عليها آثار الحمل , حتى تم تأكيده ..

أصر "سيد" على أن تلد زوجته في مستشفى حكومي لا أن توَّلدها قابلة .. فربما سيصبح القادم هو الابن الوحيد ..

ولما مرت شهور الحمل على خير .. أنجبت زوجته مولوداً قبيح الخلقة .. ككل المولودين للتو ..

وضعوا المولود في الحضانة .. لمعالجته من الصفراء المَرَضيَّة ..

وبعد يومين .. حدثت الكارثة ..

المولود اختفى من المستشفى ..
تم تحويل القسم بأكمله للتحقيق ..
وتم عمل بلاغ للشرطة ..

وعادت الزوجة مع زوجها مكلومين إلى بيت عم "فرج" الذي أخذ يصبرهما بالدين والشعوذة ..
.................
4
"أم محمود"
..........
كانت ممرضة في مستشفى حكومي شهير ..
دميمة جداً , قصيرة جداً , فقيرة جداً ..
كان الرجال من حولها .. من أعلاهم مكانة حتى أقلهم .. يتهربون منها ..
لم تتذوق طعم الجنس أبداً رغم أعوامها الأربعين ..
لم يطلبها أحد للزواج ..
تدخر 4 آلاف جنيه في مكان غير متوقع في بيتها .. حيث تعيش مع أختها وزوج أختها وأبنائهما ..
وعرضت نفسها على الكثيرين من أجل الزواج .. مقابل أن تدفع له ما تدخره , ويعيش معها حتى ..
إلا أنهم كانوا يتهربون منها ..
فكرهت الجنس ..
كرهت جسدها ..
لكنها لم تكره أبداً رغبتها في أن تكون أماً ..
كانت تطلب من الناس أن ينادوها بــ "أم محمود" ..
رغم أنه لا يوجد "محمود" ..
لكنها كانت تأمل في أن تنجب ابناً , تسميه "محمود" ..
وكان يتندر معها الأطباء حول أن اللقب هذا الذي تفضله قد يبعد عنها العرسان ..
فكانت ترد بعصبية : "يبقوا يتنيلوا يبصوا على صوابعي , ولا هي تلاكيك وخلاص"
وكان من يناديها بلقبها المفضل , الذي تأمل حدوثه في الواقع , ترد عليه قائلة ..
"إن شاء الله هاييجي محمود , وقبله أبوه بإذن واحد أحد"
كانت هناك زبيبة سجود على جبهتها , نادراً ما تراها في الإناث ..
تخبرها إحدى الممرضات –زميلتها- أن هذا دليل على بشرتها الخشنة , التي قد تطفش منها العرسان ..
فترد عليها "أم محمود" : لا وانتي الصادقة , الزبيبة ديه طالعالي عشان أنا ربنا بيحبني وهيوديني الجنة أكيد , انتي عايزاني اتشرمط زي اللي بيتشرمطوا يعني عشان نعجب؟؟

اليوم ..
أم محمود أتمت عامها الــ 41 ..
ولا يوجد زوج قادم ..
ولن يكون هناك "محمود" ..
تعمل كادحة قرابة نصف يوم .. ثم تعود لتأكل وتصلي كل الفروض التي فاتتها .. وتنام باكية ..

في ذلك اليوم .. قررت أن تنفذ جريمتها التي لم تفكر حتى فيها من قبل ..

من سخرية القدر أن تكون ممرضة في قسم الأطفال ..
ومن بعده ذهبت لقسم المبتسرين .. بعد أن تم افتتاحه مؤخراً ..
حيث رعاية الأطفال الذين وُلِدوا غير كاملي النمو ..
يداها تلقفت الآلاف من المواليد ..
وهي محرومة من واحد فقط ..

هالها أن ترى نفسها تقترب من سن انقطاع الدورة الشهرية ..
وهي بلا أبناء ..
"أين أنت يا محمود؟؟"
قالت في نفسها : "هو ربنا مطنش اللي جابوني ليه؟؟"
وقررت أن تأتي بــ "محمود" اليوم ..
الجنون لا يحتمل تأجيل حتى لا يهدأ ..

في ذلك اليوم ..
وبعد أن أتمت جريمتها ..
وهي راجعة من عملها ..
فكرت ..
ماذا ستقول لأختها وزوجها؟؟ ..

ومع هذا التفكير عادت إليها صورة الله من جديد ..
فندمت على ما فعلت ..
فكرت أن تُصّلِح جرمها ..
إلا أنها خشت على نفسها من السجن ..
فظلت تجوب الشوارع على غير هدى أو هدف ..
حتى توقفت في منطقة نائية ..
وقرب إحدى صفائح الزبالة ..
فتحت حقيبتها ..
ونظرت حولها في توجس ..
ثم أخرجت بسرعة من حقيبتها قطعة من اللحم , تزن 3 كيلوجرامات ..
وألقتها في صفيحة الزبالة ..
وذهبت ..
.............
5
الشرطة
............
بعد يوم أتاهم مخبر الشرطة .. ليخبرهم أنهم عثروا على رضيع مولود للتو في صفيحة زبالة ..
وذهب الثلاثة لرؤيته ..
"نعمة" احتضنته وانهالت عليه بالتقبيل وأخذت تقسم أنه هو ..
بينما "سيد" بكي وأخذ يشكر الله ..
وعم "فرج" يراقب الموقف بعينين دامعتين ..

إلا أن الشرطة لم توافق على أن تأخذ الأسرة الابن هكذا ..

فهناك أكثر من بلاغ على اختفاء رضع ..
ناهيك عن أن يكون الرضيع هذا لأم أرادت التخلص منه ..

فكان الحل هو أن يتم عمل فصائل دم ..

ورضى الجميع بهذا بعد أن فهموا ..

وإن ظلت زوجة "سيد" تقسم أنه مولودها ..

وبعد نتيجة الاختبار تم ثبوت أن الابن ليس لــ "سيد" وزوجه ..

والأغرب .. أنه لم تثبت أبوة الرضيع لأي من المتظلمين !

مما جعل الشرطة ترجح أن الأمر كان لا يخص بلاغاً على قدر ما هو تخلص أُم من مولودها خشية الفضيحة أو خوفاً من عدم القدرة على إعالته ..

عاد الكل لدوامته .. ولم يظهر في الأفق شيئاً عن ظهور الابن .. ولا حتى بادرة لحمل آخر ..

وبات "سيد" مكتئباً ..
بينما باتت "نعمة" في قلق وخوف مستمرين ..
..............
6
"الإنسان"
.......
يذهب الرضيع لملجأ أيتام ..
يكبر ..
ويبدأ يدرك واقعه الغامض ..
يحاول أن يتعلم صنعة تفيده ..
قد يشب عادياً .. فيموت كذلك ..
قد يشب ذكياً .. طموحاً ..
فينجح .. ويصبح عَالِم ..
أو رجل أعمال ..
ويزور تاريخه كما يشاء ..
طالما امتلك حاضره ..
وقد يتابع دروس الدين بشغف وترقب ..
ويصبح داعية ديني ..
يمجد في التراث والقديم .. الذي لم يشهده ..
يكفر هذا , ويبارك ذلك ..
قد يصبح متطرفاً , ناقماً على المجتمع ..
فيخرج ليفجر فيه ..
قد يعلم أنه تربى في دار أيتام آتٍ من نسب مجهول ..
أو قد يتبناه أحدهم ويمنحه اسمه , ويدارى على هذا ..
قد يصبح أي شيء ..
قد يصبح أنا ..
قد يصبح أنت ..
..
الحياة الواقعية .. ليست فيلماً مصرياً هابطاً ولا فيلماً هندياً معتاداً ..
مع كل هذه الاحتمالات العديدة ..
في الغالب هو يعرف أنه أتى نتيجة خطأ ..
لكن كيف حدث هذا الخطأ؟؟
ومن هم أبطاله؟؟
لن يدري !

هناك تعليق واحد:

Cardiology Man يقول...

بالراحة يا عم انت مالك واخدنا في دوكة كده ليه،
بس أسلوبك جميل أحييك عليه