محتوى المدونة لا يناسب من تقل أعمارهم عن 17 سنة !! (مش أنا اللي بقول)

OnePlusYou Quizzes and Widgets

Created by OnePlusYou - Free Dating Sites

سـِفـْرْ عـَاشـُوريات

27‏/06‏/2011

سـَلـِفنـِي شكراً.. أخونـِّي شكراً..

(بعضٌ من الفتاوي الساويرسية)
......................
1
س: هل سيكافئني الله على مقاطعتي لموبينيل؟
ج: كل دقيقة طلبتها من خط موبينيل لك في الجنة 10 أمثالها, و100 اس ام اس مجاناً, والله يشحن لمن يشاء.
...............
2
س: أنا مسلم واتضايقت من نجيب ساويرس عشان اِتريق على اللحية والنقاب.. رحت غيرت خطي.. لكن فيه أرقام موبينيل بتطلبني.. اعمل ايه يا مولانا؟
ج: كنسل عليهم خمس مرات متفرقات مشبعات.
..............
3
س: ماذا أفعل عندما يهاتفني رقم موبينيل؟
ج: ضع الموبايل تحت قدمك, حتى يدفع المتصلون قيمة المكالمة وهم صاغرون..
..............
4
س: أنا صليت صلاة استخارة عشان اَختار ما بين فودافون وإتصالات.. ماوصلتش لحاجة, غير إن كل صحابي اللي بيطلبوني موبينيل؟؟
ج: اِستفتِ قلبك, ولو طلبوك!
..............
5
س: ما حكم من بدل خطه إلى موبينيل؟
ج: هو مرتد, مهدور خطه..
..............
6
س: أنا رميت شريحة موبينيل ونصحت كل صحابي أنهم يعملوا كدة, وبقى أي صديق بيطلبني من خط موبينيل بفتح عليه ومش برد!
ج: الله يفتح عليك!
...............
7
س: أنا يا مولانا خسرت واحد صاحبي عشان لسة موبينيل..
ج: ألا تعلم أنه أحياناً قد يكون الرقم 012 لكنه يتبع شبكة أخرى.. هلا شققت عن خطه؟؟
...............
8
س: أنا موبينيل والمزة بتاعتي موبينيل.. بنكلم بعض كل يوم بالساعات بخاصية موفرة جداً.. لو غيرت رقمي لشبكة تانية رصيدي هيخلص قبل ما أعمل معاها الواحد في التلفون.. ايه الحل؟؟
ج: استخدما نفس الخاصية في شبكة أخرى, ربما كانت الأصوات أوضح..
.................
9
س: أنا مسلم معتدل, اِتضايقت حبة صغيرة من ساويرس, بس أنا بحب رقمي الموبينيل جداً ومتعلق بيه أوي, فبقيت أقفل موبايلي كل اتنين وخميس عشان أخسر الشركة حاجة بسيطة.. هو أنا لازم أغيره؟؟
ج: يجوز أن تحتفظ برقمك.. شرط أن يكون في محمول مغلق.
.................
10
س: زوجتي لا تريد تبديل شريحة موبينيل خاصتها.. فماذا أفعل؟
ج: أهجرها في المضاجع.. حتى تذهب إلى شريحة أخرى, أو إلى رجل آخر..
................
(تحديث/ الساعة 18:30)
.................
في المسألة الساويريسية..
فيه ناس ذهبت لفكرة إن أمن الدولة في ثوبه الجديد هو اللي شعلل موضوع تافه زي ده, وناس قالت إنه الجيش عشان يلهينا بحاجة بعيدة عن السياسة, وناس اتبعت نظرية المؤامرة.. حول محاولات "ساويرس" لتصفية حساباته من موبينيل بطريقة خبيثة قد تليق برجل أعمال محنك مثله..
لكن الأكيد والمشترك من كل هذا أن السلفيين وكل من روج للمقاطعة.. لم يفلحوا في مقاطعة سلعة الغباء التي نفاخر بها الأمم الأخرى.. وهذا يشمل كل من يريد مقاطعة "موبينيل" سلمياً..
لماذا؟
لأن هنالك أشياء بديهية..
1
رجال الأعمال كلهم.. لا دين لهم من الأساس, فلا يوجد فرق بين من يسخر من المتدينين -على الأخص.. لا الدين لأنه سبوبتهم- على تويتر, أو في جلسات نميمة خاصة..
2
توجد أسهم في شركات الاتصال الثلاثة لمستثمرين يهود وأمريكان (المستهدَفون بالمقاطعة دائماً)..
3
موبينيل لا تعني "ساويرس" فقط, (غير إنها فاتحة آلاف البيوت لمصريين بمختلف طبقاتهم) فهو يحتكم فقط على أسهم قليلة منها, وماذا سيكون رأيك لو كان لــ "ساويرس" يمتلك أسهم في "فودافون" و"اتصالات"؟!..
4
أصحاب شبكات الاتصال الثلاثة كلهم خونة, ولن ننسى أبداً قطع الإتصال عن مصر كلها لأيام متواصلة وقت الثورة..
...................
(كلمة أخيرة)
لو شاهدنا "ميكي" ببدلة, و"ميمي" بفستان سواريه.. هل سيضجرك هذا؟
لو شاهدتهما يرتديان ملابس بيت, مايوهات سباحة, ملابس عمال, أو موظفين.. هل سيضجرك هذا؟؟
أم أن السلفيين يرون بالفعل أن لحيتهم والنقاب مظاهر مثيرة للاشمئزاز ولا تتماشى مع الفطرة؟؟
طب ناخد الموضوع بالعكس؟
لو واحد ركب صورة لميكي وهو لابس سلسلة عليها صليب؟
كان السلفيين برضه نادوا بمقاطعة "ميكي ماوس" بحجة أنه فأر صليبي!
أنا سلفي.. أنا بقاطع كل حاجة.. إلا الغباء.

09‏/06‏/2011

"بن لادن".. في الجنة.


دولة: باكستان
مدينة: إسلام أباد
منطقة: أبت آباد
مبنى: مكون من 3 طوابق
......................
غبار كثيف..
دوي إطلاق رصاص..
نيران..
صراخ..
هتاف..
تكبير..
تهليل..
صوت يهتف "مولانا مات"..
غبار كثيف..
........................
أفعي سامة تفر مهرولة بجوار رأس "بن لادن" دون أن تمسه.. وهو راقد على ظهره في وضع صعب على سـُلـَم مبني مهجور بالقرب من منطقة عسكرية باكستانية, والدماء تنبثق من جسده, ووجهه مبتسم إلى ملاك الموت..
وفجأة..
يجد الدنيا من حوله تتغير..
نخيل عالية.. وحوله أناس يلبسون من سندس واستبرق..
ولدان مخلدون..
يجد نفسه واقفاً, يرفل بثياب بيضاء صانعة صورة جميلة له بلحيته الكثيفة..
ليستمع إلى صياح الناس من حوله:
"طلع البدر علينا.. من ثنيات الوداع.."
السماء بالأزرق الجميل..
الشمس دافئة بلا حرارة..
نفسه يتردد داخل صدره بقوة..
يشعر بالسعادة والراحة.. وهو على عتبات دار السلام.. دار النعيم.. دار المقامة.. دار المتقين..
"ويستقبلوني كاِستقبال الأنبياء.."
...............
(الحساب)
..................
يقف "بن لادن" بين يدي الله –غير ظاهر الوجه- ليحاسبه..
"بن لادن": لقد كنت يدك التي بطشت بالمجرمين الكافرين الفاسقين.. قدر اِستطاعتي..
فتنطق يده: صادق ورسغي!
وتنطق أرجله: صاحبنا لا يقول إلا الحق والسمانة!
الله يشير لأحد الملائكة, فيتقدم نحوه ليناوله كتاباً.. فيأخذه منه "بن لادن" بيده اليمنى..
ثم تنعكس الإضاءة على يمين المكان لتظهر عشرات النساء في قمة الفتنة والإغراء وهن يزغردن..
إنهن الحور العين اللاتي خلقهن الله من الزعفران..
ويصدر الله قراره..
"بن لادن" سيدخل أعلى منزلة في الجنة..
منزلة الأنبياء.. الفردوس الأعلى.. القابع تحت عرش الرحمن!
ليس هذا فحسب.. بل سيذهب إلى مقام الوسيلة نفسه.. أعلى مقام في الفردوس!
........................
(الصحبة)
.......................
بمجرد ما مرقت من بوابات الجنة الـ 8, وجدت أمامي..
"آدم" و"نوح" و"موسى" و"عيسى" و"محمد".. وغيرهم من الأنبياء..
صافحتهم في لهفة, وأنا أنحني على أيديهم لتقبيلها..
ثم قابلت ملاك الهيئة.. الذي قام بتحويلي إلى شاب عمره 33 عاماً, بطول 60 ذراع, وعرض 7 أذرع..
...................
(النساء)
.....................
حور عين.. عفيفات, قاصرات الطرف إلا عن أزواجهن, لا حيض ولا نفاس..
سمراء.. شقراء.. خمرية.. صفراء.. قمحية..
طويلة.. قصيرة.. بدينة.. نحيفة..
وما بين كل هذا وذاك..
وكل ما كان يحلم به يجده يتحول في الوقت ذاته في المرأة نفسها..
نهد إيطالي.. وجه إنجليزي.. جسد فرنسي.. عيون إيرانية.. شعر هندي..
.....................
(الطعام والشراب)
.....................
آلاف الأنواع من اللحوم, والأسماك..
نباتات.. (كل أنواع الخضروات والفواكه)..
"شاهدت تلك الشجرة التي لا يستطيع أن يقطعها خيال ماهر في مائة سنة, لكني أردت أن أراها كاملة, فاستعنت بطائرة سريعة حتى أنجزتها في يوم.. ثم استلقيت أسفلها وأشرت بيدي فأمالت غصنها لتناولني ثمرة, فأعطيتها ظهري ورفعت يدي, فناولتني ثمرة أخرى..
نهضت.. أوليتها ظهري.. ركعت.. مددت ذراعي بين ساقي..
فناولتني ثمرة ثالثة..
أنهار ماء غير آسن, أنهار خمر, أنهار لبن لم يتغير طعمه, أنهار عسل..
وأعظم الأنهار.. الكوثر.. حيث الحافة الذهبية, والتربة الأطيب من المسك, والماء الأحلى من العسل, والأشد بياضاً من الثلج..
...................
(راحة أبدية, وحدائق غناء, وتحفة الخالق في صنعه.. لبنة من ذهب ولبنة من فضة)
....................
(التسامر)
....................
"كنت أجالس الأنبياء.. كل أحاديثنا فيها متعة, لا سوء فيها ولا حـَزَّن.. ولما بدأوا يتلون سير أهاليهم الذين ماتوا كفاراً.. بسرعة, وقبل أن نتحسر عليهم وجدنا أنفسنا قد نسينا ما حدث.. فعدنا من جديد إلى اللهو والشرب والمرح والغناء والطعام والشراب والنكاح والنبيذ.. وعندما كنت أتمشى في الجنة بمختلف منازلها –ومن خلفي, العبيد من الولدان المخلدون بكؤوسهم- خاصة لأرى من هم أدنى مني.. شاهدت أخوتي في الجهاد قد عادوا معافين.. ومن خسر رجلاً عاد بها قوية..
وجدت أهل الجنة من المنازل الأخرى, يعيشون في رفاهية لا تقارن برفاهيتي على الإطلاق.. قابلت رجلاً طيباً, له بيت بسيط -مقارنة بقصري في الفردوس- مـُحاط بملايين النخيل: جميل هذا البيت!
فأخبرني: لقد تحقق وعد الرسول.. فقد كنت أصلي 12 ركعة في اليوم والليلة.. فبنى الله لي هذا البيت الساحر".. وأيضاً مع كل قول "سبحان الله والحمدلله" كانت تـُغرَس لي نخلة في الجنة..
كنت سأخبره أنه سـَيـُصعق لو شاهد بيتي -أوليس من حقه أن يعرف هذا حتى على سبيل العلم بالشيء؟؟- لكني فضلت أن أصمت حتى لا ينتابه الحقد.. فهو على أي حال سعيد وراضٍ لأقصى درجة.. وهذا ما أشعرني أنا بالحقد!
..............
(القتل)
.................
لكن في المجمل.. مرت الأيام هانئة.. إلا أني بدأت أشعر بالملل.. الحياة رخوة جداً ليس فيها أية متاعب.. وكأن الله قد قرأ ما في بالي.. فأرسل إلى ببعض من زبانية جهنم.. لأتسلى بقتلهم كما أريد.. ثم في النهاية بث فيهم الروح من جديد, وأخذهم إلى جهنم مرة أخرى ليواصل مهمة تعذيبهم."
............
(الكفار الأغبياء)
....................
"تذكرت أن حياتي التي أعيشها الآن هي نفس الحياة التي كنت أقتل من يعيشها في الدنيا.. الفرق أنهم فقط أغبياء.. لا يعرفون ما هو التوقيت المناسب لهذه الحياة.. لم يحرموا أنفسهم في الدنيا.. فليدفعوا الثمن في الآخرة.."
............
(لكن..)
............
وقت ما طلب الله منـَّا -أهل الجنة-, ومن أهل النار أن نجتمع على الحدود متقابلين.. لينزل الله كبشاً بيننا, فنقول جميعاً –أهل جنة وأهل نار- في صوت واحد: إنه الموت!
فيأمر الله بذبحه وهو يخبرنا أنه بهذا يقضي على الموت, ولن ننال إلا الخلود.. فيهلل أهل الجنة أكثر وأكثر.. ويزداد حزن أهل النار أكثر وأكثر!
أذكر أن بعضاً ممن قتلتهم كانوا مجرد فقراء على أديان أخرى, رأيت أحدهم أمامي واقفاً على حدود جهنم في يوم ذبح الكبش.. هو واحد من الذين لم يهنأوا أيضاً بالدنيا, ويذوقون أشد العذاب في النار الآن.. حتى مالا نهاية!؟
وبسرعة وجدت 3 من الحور العين في قمة الإغراء يحطن بي, لأجدني في قمة الرغبة الجنسية.. فأنسى ما كنت أفكر فيه..
وعندما أعود مرة أخرى للتفكير.. أجدني فجأة جوعان جداً, وأمامي تبزغ مائدة طعام عليها كل ما لذ وطاب..
آكل ثم أمارس هواية السباحة قليلاً في نهر الخمر القريب لأجدني قد نسيت ما كنت قد أفكر فيه من جديد..
................
(تفكير؟ ضمير؟)
.....................
أجدني مرتبكاً.. فيزول الاِرتباك..
أجدني أفكر.. فيغرقني الله بخموره ونسائه..
أجدني أتساءل.. فأنسى ما كنت أسأل عنه..
لكني دربت نفسي جيداً..
كنت أقاوم أسوار عقلي لكي أتذكر ما أنا ناسيه..
ما فائدة أن أكون طويلاً جداً عريضاً جداً شاباً جداً.. وكل من يدخل الجنة كذلك؟؟
أين التميز في هذا؟؟
ما معنى كلمة طول أصلاً.. وليس هناك قصر؟؟
ما معنى الجمال.. وليس هنالك قبح لنميز الجمال به؟؟
وهؤلاء الفقراء الذين قتلتهم على أديان أخرى.. أشعر أني قد أكون سبب ذهابهم إلى النار.. لكن الله بالتأكد هو الأعلم, ولو كنت مخطئاً لما أدخلني جنته هذه.. لكن عقذة الذنب تحتويني..
قابلت "سيد قطب", أستاذ صديقي وعقلي المدبر "أيمن الظواهري".. ليخبرني أنه فكر فيما فكرت فيه.. وعرض الأمر على الله مباشرة..
فسألته عن رد الفعل.. فأخبرني أن الله يطلبنا معاً..
................
(أعظم النـِعـَم)
.....................
الله يقرر أن يمنحنا أعظم نعم الجنة.. وهي التطلع إلى وجهه الكريم..
تلك التي لم يمنحها إلا لأنبيائه..
قام الملاك الحارس بإرشادنا إلى طريق الغرفة..
وتركنا فيها وسط ظلام دامس بعد أن أخبرنا:
"ولا تنسوا أن الله لن يخاطبكم"
وظهر وجه الله أمامنا.. فتبددت وحشة المكان بنوره وجلاله..
وجهه لا أستطيع وصفه أبداً.. كل ما شعرت به وقتذاك أني جسدي قد تزلزل بقوة..
وشعرت بمتعة تفوق متعة الجنس أو الطعام!
.............
صارت تلك المتعة تتكرر كثيراً.. كلما شعرت بالحاجة لرؤية وجهه.. ذهبت إلى تلك الغرفة.. ليخلع الله النقاب عن وجهه فنراه ونحن نصيح منبهرين بجماله.. آخذين في التغزل فيه..
.............
(الفن والشك)
.................
لكني فكرت لوهلة -قاتل الله التفكير- .. أنا طبعاً أكره الفن.. ولا أستطعمه لأنه حرام.. لكن الله بالتأكيد استطاع أن يرينا مدى جمال وجهه لأنه اِقتحم عقولنا.. فـَ كونه القادر على أن يمحو الشك من داخل عقلي.. يجعله قادراً على إجباري لتذوق جمال وجهه!
وقبل أن أصل لاِستنتاج آخر.. وجدت سيل الحور العين مع موائد الطعام وأنهار الخمر واللبن تظهر.. وبالقرب منهم الأنبياء الطاهرون يطلبوني للتسامر..
.............
(مخدوع؟)
.......................
تلك الخدع تكررت كثيراً.. طلبت من الملاك الذي يحرسنا:
"أريد أن أرى الله"
فأخبرني في ثلجية: "لو أردت أن ترى وجهه الكريم فيمكنك الذهاب إلى الغرفة التي على اليمين.."
فأخبرته: "لا.. أنا أريد أن أتحدث معه.."
وقتها اِختفت الثلجية من على وجهه.. لأجدني فجأة وحيداً, في مكان مقفر, يشبه جو الأرض أو ما هو أسوأ.. وهنالك رياح عاصفة تـُطلق نحوي غباراً ملأ عيني ورئتي.. وعندما هدأت الريح الصرصر العاتية وجدت الرؤية واضحة أمامي الآن.. السماء بلون الدم.. والشمس تطلق حرارتها بصورة تكاد تشويني.. أشعر أن رأسي يغلي..
ومن بعيد.. أجد حريق هائل قادم..
ومن أعلى يظهر "إبليس" شامتاً: "ها هي ضريبة التفكير يا صديقي.. مرحباً بك في دار البوار.."
الحريق يقترب مني.. ألم حارق يكوي جسدي كله..
جلدي ينصهر, أعصابي تذوب كما الشمع..
أصرخ كما لم أفعل من قبل..
وعندما تخمد النيران.. أفيق فأنظر إلى نفسي في اِحدى المرايا, لأجدني جسد متفحم بلا جلد..
وشيء قادم من بعيد نحوي يهرول.. غير واضح المعالم..
حاولت أن اَحتمي منه..
إنه أنا.. إنه جلدي بشكلي الخارجي..
يقترب مني ثم يحيطني.. فأعود كما كانت صورتي..
ثم يهب حريق آخر.. ليستمر العذاب من جديد..
ظللت أصرخ وأستغفر الله كثيراً..
لكنه لم يسمعني, وتكرر الأمر على هذا المنوال..
بعدها ذهبت إلى ساحة رائحتها أقذر من القذارة.. قابلت فيها كل الكفرة والمشركين.. كانوا واقفين قرب شجرة الزقوم ليأكلوا منها ثم ينبطحوا أرضاً يتوجعون وهم يمسكون بطونهم..
اِقتربت من أحدهم لأسأله: لماذا دخلت النار؟؟
فأجاب وهو يتألم: كنت كافراً بالجنة والنار..
فسألته: لمَ؟
فقال: الله يقول أنه أعد لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.. لكنه رغم هذا يخبرنا عن مميزات الجنة المقيدة بعصر النبوة التي تمثل فقط إغراءً للأغبياء.. فكان الأفضل له أن يصمت ليترك الأمر للغموض.. وإن كان لم يخبرني بما يخطر على عقلي, فأفلام الخيال العلمي صنعت ما لا يخطر على عقلي بمراحل..
وقبل أن أنطق: "اَستغفر الله العظيم".. وجدته يفرغ كل ما في معدته على الأرض المغطاة بروث الخنازير, ثم شاهدت أمعاءه تخرج من سرته لتزحف على الأرض متلوية..
سألت شاباً غيره كان يركض خلف مقلتي عينيه.. السؤال ذاته, فأخبرني بكبرياء لا يناسب وجه بلا عيون: مين قالك إني في النار؟؟ أنا في الجنة يا بهيم!
فـَ ذهبت لمن لا يأكل ولا يتوجع ولا يتقيأ ولا يتغوط ولا يتبول ولا يشطف وجهه بصابونة ركبته..
منهم من أبدى اِندهاشه أني دخلت النار معهم بعد أن تبين لهم أن منهجي هو الصواب.. ومنهم من سعد بقدومي.. الغريب أن أكثر من كان شامتاً في هم المسلمون العابثون الذين وجدتهم في النار..
وجدت شيوعياً يخبرني: أنت لم تخدم مصالح أمريكا الاستعمارية كعبد ذليل, إلا بعد أن قالوا أنك قد اِنقلبت عليها..
وجدت اِنتقادات كثيرة جداً جداً.. لدرجة أني لم اَستطع الرد..
وكان كلامهم نحوي أقسى علي من عذاب النار ذاته..
وعندما توقفوا عن الكلام هجموا علي ليضربوني, ولم يخلصني من أيديهم إلا عذاب النار الذي سـَأُشوى فيه من جديد..
لم أجد في النار إلا حقد وكراهية وسوء وشر وعفن..
قابلت وقتها بعض الذين قتلتهم.. ليخبروني بكل آسي أنهم لم يدركوا أن ديني هو الصواب, ولا منهجي على الأخص.. فبأي ذنب قلتلتنا؟؟ وبأي ذنب أدخلنا الله النار؟؟
لأجد سوطاً ينطلق على ظهورهم.. فيصمتوا منكسرين.
ظللت اَستغفر الله كثيراً.. وأنا أطلب منه أن يجعل لي من جديد الفردوس نزلاً.. حتى أتى بعض الملائكة ليحيطوني بعباءة نظيفة ناصعة البياض.. ليعودوا بي إلى الجنة من جديد..
........................
(العودة إلى الجنة)
.......................
عدت إلى الجنة.. حيث حياتي السابقة المترفة..
وصرت اَبتعد عن عقلي كلما أراد التفكير..
كنت أضاجع بالحورين في مرة واحدة.. لأني طلبت من الله أن يمنحني قضيباً آخر.. ملتصق في أسفل ظهري.. وأن يجعل وجهي يلف 360 درجة وكذلك جذعي.. ففعل!
أفرغ منهما ليأتي إلي غيرهما.. فأعرق كثيراً عرق المسك طيب الرائحة, ثم أنغمس في نهر الخمر لأشرب حتى أرتوي.. الغريب أننا نشرب الخمر لكننا لا نثمل فلا نتجاوز المسموح وتلك من حكمة الله أم أنه.. أووووه الللعنة لقد عدت إلى التفكير من جديد.. تعالوا يا حور.. تعالوا يا خمور..
لتقتلوا فيّ داء التفكير..
..............................
(أنا.. إنسان؟!)
.........................
لكني استيقظت ذات يوم.. لأجدني عازماً على تلك الفكرة..
أن أطلب لقاء الله ثانية..
فـَ ذهبت إلى الحطمة من جديد..
مرحباً بالحريق والمسامير التي ستحملنا من جفوننا..
مرحباً بكل وسائل التعذيب هذه..
مرحباً بكل أهلها الذين دخلوها بزجرة واحدة..
وفي وقت الراحة من العذاب قابلت أهل النار, وقبل أن يبدأو السباب قاطعتهم:
"يبدو أن الجهاد قد فـُرض علي في الدنيا والآخرة.. اهتفوا معي جميعاً ولا تجعلوا هتافاتنا تتفرق: فليسقط حكم الله, فليسقط شرع الله.. نحن نريد الحياة.."
همس أحدهم:
"واحد كان مع أمريكا وقلب ضدها.. كان لازم يعمل كدة مع ربنا برضه!"
وهمس آخر:
"لأنه لم يشعر بتميزه في الجنة.. وسط الأنبياء.."
وثالث: "واحد ضحى بملياراته عشان يعيش حياة صعبة.. صعب يتغير!"
لكنهم جميعاً أخذوا يهتفوا معي بأصوات مهيبة مكبوتة مظلومة..
واَنطلقت الخناجر والأسواط لتمزق أجسادهم لكنهم لم يتوقفوا.. وظلوا يسيروا حتى اِنضم إليهم الكثيرون.. وأنا أصرخ فيهم:
"تعالوا خلفي أيها المحبطين, أيها العاجزين, المغلوبين على أمركم أمام جبروت الدنيا ثم جبروت الله من بعدها.. اِثبتوا ولا تتفرقوا.. نحن الأقوى"
كان عددنا يزداد أكثر وأكثر, رغم القتل والتعذيب الذي لا نعرف مصدره.. إلا أنهم كانوا يتقدمون, حتى وقفنا أمام ملائكة جهنم فأمرت الناس أن:
"اِهجموا!"
فهجمنا عليهم هجمة رجل واحد.. لكننا أُصـِبنا جميعاً بصواعق من حيث لا ندري.. لم نستطع أن نصيب إلا ملاك واحد بخدش بسيط..
وجدنا أنفسنا جميعاً على الأرض.. مكبلين, مقيدين بلا قيد ظاهر.. وأصبنا جميعاً بالخرس..
ظللنا على هذه الوضعية لفترة طويلة حتى اِنطلق صوت ميكروفوني هائل:
"قررنا نحن الذات الإلهية العليا قراراً استثنائياً.. أن يذهب "بن لادن" ومن خلفه إلى العدم.. إلى الفناء"..
...............
(رصاصة في المخ)
.....................
دولة: باكستان
مدينة: إسلام أباد
منطقة: أبت آباد
مبنى: مكون من 3 طوابق
......................
غبار كثيف..
دوي إطلاق رصاص..
نيران..
صراخ..
هتاف..
تكبير..
تهليل..
صوت يهتف "مولانا مات"..
غبار كثيف..
........................
أفعي سامة تفر مهرولة بجوار رأس "بن لادن" دون أن تمسه.. وهو راقد على ظهره في وضع صعب على سـُلـَم مبني مهجور بالقرب من منطقة عسكرية باكستانية, والدماء تنبثق من جسده, ووجهه مبتسم..
وأحد رجاله يجره, بينما آخر يحاول تضميد نزيف إصابات جسده, أثناء جره.. حتى لاحظ الدم وهو ينبثق من رأسه.. "مولانا أصيب في رأسه".. كان وجهه محافظاً على اِبتسامته..
قبل أن يذهب لعبوس..
ثم اِبتسامة شاحبة..
ثم عبوس هائل..
ثم يرفع رأسه المصابة إلى السماء بجحوظ.. بآخر ما أُوتي من قوة..
ليرى ظلاماً دامس.. ثم يطلق شهقته الأخيرة..
........................

04‏/06‏/2011

Song I Like: The Show Must Go On - 1991


مساحات خالية..
هي التي نعيش لأجلها.
أماكن مهجورة..
وكلنا يعرف النتيجة.
والهراء يستمر..
هل أحدكم يعلم ما الذي نبحث عنه؟
بطل آخر؟
جريمة أخرى لاعقلانية؟
خلف الستار.. حيث التمثيل الصامت..
نحافظ جميعاً على الآداء..
هل أي منكم سعيد بتأدية دوره الآن؟؟
العرض يجب أن يستمر..
العرض يجب أن يستمر..
نعم!
بداخلي قلبي يتدمر..
وقناعي يجعلني أزيف..
لكن اِبتسامتي ستظل باقية..

مهما يحدث.. سوف أترك كل شيء للصدفة..
أزمة قلبية أخرى..
أزمة عاطفية أخرى..
وهكذا دواليك..
هل أحدكم يعلم ما الذي نعيش لأجله؟
يجب أن أكون أكثر دفئاً الآن..
فقريباً سوف أنزوي إلى الركن..
في الخارج, الفجر قادم..
لكن بالداخل ظلام..
أنا أتألم حتى أصبح حراً..
العرض يجب أن يستمر..
العرض يجب أن يستمر..
نعم! نعم!
بداخلي قلبي يتدمر..
وقناعي يجعلني أزيف..
لكن اِبتسامتي.. ستظل باقية..

روحي مصبوغة كأجنحة الفراش..
قصص عفاريت الأمس ستنمو ولن تموت..
أنا أستطيع الطيران, أصدقائي..
العرض يجب أن يستمر..
العرض يجب أن يستمر..
سأواجهه بوجهي الباسم..
وأبداً لن اَستسلم..
لهذا العرض.
أنا سوف أكون أفضل من الجميع..
لكن لو وجدت الإرادة لأتحمل..
هذا العرض.
العرض يجب أن يستمر..
..............................
آداء: Queen
ترجمة وتقريب: أحمد مختار عاشور

.....................
(هامش)
"Freddie Mercury" -مطرب فريق كوين- كان يحتضر.. إلا أنه تماسك وتحامل على نفسه وأصر على تأدية هذه الأغنية.. ومات بعدها بأيام..
وهي في رأيي.. الأغنية صاحبة أقوى آداء صوتي في التاريخ!
هي تغريدة البجعة الأخيرة..
حـَمـِّل واِسمع
أو شوف


02‏/06‏/2011

الثورة كانت لازم تقوم..

تصوير: أحمد مختار عاشور
أحياناً أشعر أن الثورة المصرية قد حدثت من أجلي, فـَ قبلها وجدتني أمر بأسوأ تخبط ممكن في حياتي.. هجرت خطيبتي, تركت عملي, وخسرت أقرب أصدقائي لأمور كثيرة مختلفة..

أنا من إحدى قرى الدلتا, وأعيش الآن في القاهرة, في غرفة فوق سطوح اِحدى عمارات وسط البلد.. تلك الغرفة شهدت أجمل ذكرياتي, أتيتها بعد الثانوية العامة لالتحق بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة وظللت فيها بعدما أنهيت دراستي وقد عثرت على عمل مناسب يغنيني عن حاجتي لأهلي -الفقراء أصلاً-.. مع بعض التدبير..

غرفتي فوق السطوح أحبها جداً, فأنا لا أهتم برفاهية السكن قدر اِهتمامي بالموقع, فـَ مجرد سرير في وسط البلد يكفي تماماً.. مشكلتي البسيطة أن مؤجر الغرفة أحياناً يتدخل في حياتي الشخصية بعد أن يشوا له الجيران بسلوكي.. رغم أني أقاطعهم قدر الإمكان.. وإن اِضطررت للاختلاط بهم فأكون في غاية التهذيب والخجل.. لا أرفع عيني على اِمرأة منهن أبداً.. لكنهم لا يكتفوا بهذا بالطبع.. ولأني متعدد العلاقات النسائية, فـَ مجرد دخولي بفتاة إلى غرفتي وسط تجمعاتهم الصيفية على السطوح أجدهم يمصمصون شفاههم ويتحسرون على عدم تديني رغم أني كنت أصلي ظهر الجمعة دوماً في المسجد القريب معهم, قبل أن اَنقطع عن الصلاة نهائياً.. بعد أن هجرت هذا الهراء تماماً قبل أن أحصل على البكالريوس بشهور.. لا أعتقد أنه لا يوجد إنسان يعيش في وسط البلد ويبقى مؤمناً.. ليس بصورة الرذيلة المتوفرة دوماً من عاهرات وأجانب وحشيش وخمور.. لكنها تلك الرذائل الثقافية التي أساسها الحرية.. الحرية هي الخيانة ذاتها.. ولكي تصبح واقعياً يجب أن تتقبلها وإلا لأرغمك العبث على أن تفعل..

أنا أمثل الصورة السائدة عن الملحدين.. اِسأل أي -متدين ساذج أو غير ساذج- ليخبرك أن الملحدين هجروا الأديان ليسلموا أنفسهم للخمر والنساء.. فتجد رد ثابت على هذا من محفوظات التنوير الساذجة أنك تفهم الإلحاد خطأ وأن الحرية لا تعني العبث.. بلا بلا بلا.. لكن هنا الصورة السائدة –التي معروف أنها ساذجة- ليست ساذجة.. هي حقيقية والذي يحارب هذا الفكر السائد ستجده يتعاطى الخمور ويضاجع النساء..

أنا مؤمن أن الأفكار الساذجة هي الحقيقية.. إن أردت أن تعرف شيئاً عن جماعة فاًطلب رأي أعدائها..

نفس وجهة النظر السائدة عن المتدينين أنهم متطرفون ويريدون أن يجاهدوا ويحتلوا العالم تحت عنوان فتح إسلامي.. مع إقصاء الآخر.. هي أيضاً ليست ساذجة.. ويظل المتدينون يقنعوك أنك تفهم الدين خطأ ليلفوا ويدورا ويطنبوا ويسهبوا حتى يصلوا لنفس النتيجة.. هم متطرفون يحتكرون الجنة لحسابهم.. "لكن من فضلك ماتقصش الكلام.. لازم أقولك كلام كتير قبله عشان أختم كلامي بالنتيجة الإرهابية ديه.. عشان لما أرغي كتير تحس إني فاهم وماتعرفش تضربني فين بالظبط".. أولئك المؤمنون يشبهون هؤلاء الملحدون لأن الله أصلاً غير موجود .. اعذروني لاحتكار الحقيقة.. هم يقولون أن الجنة حكمها لله وحده لكن من داخلهم يعلمون من لن يدخلها أبداً.. لذلك أنا أعلن ما بداخلي دون مواربة.. الله ليس موجود.. والمؤمنون يسيروا في وهم مرضاته والملحدون يسيروا في وهم معارضته..

رائحة وسط البلد أصلاً مختلفة عن رائحة أي مكان آخر.. هذا المكان لا يخضع لسلطة الله ولا لأي إنسان.. لكن هؤلاء الجيران الأوغاد رغم أنهم يرونني مع النساء دوماً صديقات وعاهرات.. (الصديقات أحياناً أمارس معهن الجنس دون مقابل بالطبع.. وإن كن أحياناً يتحولن لعاهرات فيطلبن سلف لا يـُرَد, فلا أمانع.. والعاهرات -اللاتي أتمنى أن تكون أصواتهن منخفضة- عندي أحياناً يتحولن لصديقات فيرفضن أي مقابل مادي مقابل الجنس لأني لا اَكتفي معهن بالجنس فقط بل يهمني أيضاً أن أعرف قصص حياتهن وكيف أصبحن كذلك.. فتشعر العاهرة بالمساواة مع ذلك الشاب الجامعي الذي يتبادل معها خبرات الحياة والسوائل الجنسية فلا تريد أن تدنس نفسها بطلب المال..) إلا أنهم -الجيران- لا يعترضون إلا بطريقة خبيثة لا ألتفت إليها ولا أشغل بالي بهم حتى يأتيني المؤجر ليخبرني من تحت لتحت أني شاب محترم وسمعتي طيبة وعقبال ما اَتجوز قريب وعندما لا يجد مني إلا الصمت.. يطلب أجراً أعلى قليلاً عما أدفعه بحجة أن الأسعار في الطالع.. فلا يوجد بيننا أية عقود حول تأجير الغرفة فلابد أن أقبل ببلطجة العقد الشفهي!

لكن أكثر من يغضبني حقاً ويثير حقدي لأقصى درجة هو طالب تدريب الطب البشري الذي يسكن في الدور السادس أسفل غرفتي.. يعيش حياته مثلما أعيش وأعتقد أنه ملحد أيضاً وإن كان أكثر رفاهية مني, فالفتيات اللاتي تزرنه يتركن سياراتهن لمنادي السيارات بالأسفل حتى يتمكن من ركنها بعد أن ينفرج الشارع قليلاً من السيارات الراكنة أمام الملاهي الليلية التي لا أقدر على دخولها.. فيصعد المنادي بالمفتاح إلى شقة ذلك الشاب ليتناول خمسة جنيهات ويرحل.. حاولت أن أفتح أي حوار مع ذلك الشاب فوجدته غير متحمساً للحديث معي.. يبدو أنه طبقي ابن وسخة!

عندما كنت أراه في المصعد أحاول أن أجذبه بأي موضوع فأجده بارد وثلجي ومتكبر ومتعجرف وبه كل مخلفات الطبقية البغيضة.. فأصعد لغرفتي لأكتم غيظي.. أريد أن أهتف في وجهه: أنت يا اِبن القحاب لا أريدك ولا أريد نسائك ولا يهمني أنك تسكن في شقة وأنا أسكن في غرفة.. أنا لن أسرقك ولن أحقد عليك أيها التافه.. أنت طبيب بشري وأنا طبيب بيطري.. ما الفرق؟؟ أنا فقط أريد أن نصبح أصدقاء!

نحن الآن نحمل نفس الأفكار وأنا أدفع إيجار غرفتي وأنت شقتك ورثتها عن أبيك لكنك تتعامل على طريقة اِبن الباشا.. فلتحترق في الجحيم أنت ونساؤك المتكلفات مثلك..

مشكلتي مع هذا الشاب التافه أني أصبحت أفكر فيه بصورة زائدة عن الحد.. لدرجة أني أصبحت أحاكي سلوكه مع أقرب الناس إلي.. فوجدتني اَتكبر على أصدقائي, وعصبيتي تزداد على أحبائي.. لدرجة أني هجرت الكثير.. منهم فتاة كنت أحبها وأنوي أن أتزوجها قريباً.. قابلتها آخر مرة لأخبرها أنها في قمة التفاهة لكي تقبل الزواج بشاب يعيش في غرفة حقيرة فوق السطوح لا يوجد لديه ما يخاف عليه في هذه الغرفة إلا جهاز كومبيوتر من سنة 97 هارد 4 جيجا!

دعكم من كل هذه التخيلات..
فـ َعندما قامت الثورة.. وفي خلال الــ 18 يوم, شاهدته 3 مرات..
المرة الأولى وضع في يدي حجراً كان قد أُلقي علينا من بلطجية الحزب الوطني.. ليخبرني "ايدك معانا يا دكتور"..
المرة الثانية كنت جالس أتجمد من البرد على الرصيف وكان أصدقائي قد رحلوا وتركوني بما أني قريب من منزلي.. فوجدته يواجهني ليناولني علبة عصير..
أخبرته: "شكراً.. مش بحب المانجة"..
فوجدته يذهب دون أن يتكلم.. ثم يعود إلي بعلبة عصير جوافة..
هو لم يفهم دعابتي.. وقتها تحدثت معه قليلاً..
في المرة الثالثة.. وجدته في وجهي وقت تنحي مبارك.. فوجدتني أهرع إليه بنفس لهفة خطواته لاحتضنه.. وأخذنا نتراقص وايدينا متشابكة.. ثم ذهبنا لنتسامر بعدها في شقتي طول الليل, وجدته فعلاً إنساناً جميلاً ليس فقيراً حاقداً كما حاولت أن أتخيله برسم صورة له من أجزاء متفرقة من حياتي مع إسقاط شخصي/توقعي السيء عليه.. فإن كان به حقد فلن يكون أكثر مما بداخلي.. أخبرته في نهاية السهرة أن الثورة كانت لازم تقوم عشان نبقى صحاب..
قبلذاك لم أكن أتخيل أن أصادق شاب يسكن غرفة بسيطة في السطوح.. أبداً!
لماذا؟
لأننا نتعامل مع الآخرين كأنما نرى أنفسنا فيهم لو أصبحنا بنفس ظروفهم..

......................................