محتوى المدونة لا يناسب من تقل أعمارهم عن 17 سنة !! (مش أنا اللي بقول)

OnePlusYou Quizzes and Widgets

Created by OnePlusYou - Free Dating Sites

سـِفـْرْ عـَاشـُوريات

23‏/09‏/2010

"سنشاهد الفيلم غداً يا ريم".. (6) على العـَجـَلـَة.."

....................
حبيبتي.. أرسل إليكِ اليوم لأخبرك أني سوف اَبتاع (عـَجـَلـَة).. نعم عجلة.. ولن أقول دراجة.. لأنها كلمة سخيفة.. أشعر أنك ستضحكين الآن وتقولي طبعاً لأن العجلة من الشيطان.. صديقي الصدوق كما اعتدتي أن تخبريني.. ليس هذا بالطبع هو السبب إلا لو كان مرتكزاً في لاوعيي , فأنتِ كما تعلمين لا أعرفني جيداً.. أقوم بدراسة شخصيات ودوافع البشر من حولي ولا أعرفني أنا.. أقول كلام وأفعل عكسه.. أثور وأهدأ في ذات الوقت.. في لحظة أطلب منكِ أن تهجريني للأبد.. لكني أعود وقتها لأقول أن من طلب هذا هو شخص آخر.. ليس أنا.. لكني لن أفعل العكس هنا.. أنا بالفعل سوف اَبتاع عجلة..

أريد أن أصل بسرعة لمشاويري , لأن قدماي قد تورمتا من السير.. حتى عندما كنت اَحتكر سيارة أخي الكبير أثناء سفره للخارج.. كنت أقوم بركنها بعيداً جداً عن مقر عملي بعد أن أضيع نصف الساعة أو أكثر بحثاً عن مكان للركن.. وقد أركنها في مكان ممنوع , لأدفع بعدها المخالفات , أو يكون الونش قد جرها كالفرخة الذبيحة خلفه.. لكي أدفع الكثير مقابل استردادها.. تذكرين دعابتي أنك لو أردتي أن تعلمي أن المكان صالح للركن أم لا.. هو أنك إن وجدتي فيه سيارة.. إذاً فهو صالح للركن! .. ناهيك عن إني أسير على قدمي مسافة كبيرة من ركن السيارة حتى مقر عملي..

كنتي تلحي علي كثيراً أن ابتاع سيارة خاصة بي.. وأنا لا اَستطيع أن أفعل هذا إلا لو أخذت قرضاً بضمان مهنتي.. أنتِ تعلمين ظروفي المادية بلا شك.. وتعلمين ظروفي النفسية كذلك.. أني ساَتضايق كثيراً لو أحدثت مكروهاً بسيارتي وهي لا تزال خاضعة للأقساط.. وأنا أيأس بسرعة.. ناهيك عن أني لا أفهم في الجغرافيا.. أنا غبي فيها تماماً.. قد أعبر الشارع مائة مرة لكني بعد ذلك أنسى مخارجه ومداخله.. فأقوم بحركات غبية وسط الهمج المتعجلين دوماً.. لذلك أقوم دوماً برفع صوت المسجل عالياً حتى لا استمع إلى سباب القائدين حول تخبطي في شوارع القاهرة..

أنت تعلمين بالطبع أن القاهرة في خلال سنوات قليلة ستتحول إلى "باركنج" كبير.. قد تتحرك فيه السيارة قدر 3 مللي في الساعة.. وأنا يجب أن يكون لدي بعد نظر.. حسب ما أرى في المستقبل الأسود القادم.. وحسب قدراتي وحالتي المادية..

سوف اَبتاع عجلة.. عجلة سبق أمريكية بجنازيرها المميزة ذات المستويات المتراكبة.. وسيكون الــ (جادون) مستقيم ومنخفض عن مستوى ميل جسدي.. وعلى طرفيه ذراعان مرفوعان.. والكرسي سأجعله مـُوسـَّداً ناعماً.. تخيليني وأنا أقود عجلة كهذه..

سأصير رائعاً.. سأسير كما أريد.. لا لا.. لن يكون موتوسيكل.. ستكون عجلة.. سأدخل شوارع مخالفة , ثم أرجع وقتما أريد دون أن أهتم بمن خلفي أو أمامي.. فأنا أقود عجلة.. سوف أخطيء في الإتجاه لهذه الفتحة.. فلا يهم هذا.. سوف أرجع للخلف , لأعود إليها من جديد.. دون الحاجة للسير للأمام لنصف الساعة حتى أجد فتحة أخرى وأعود من جديد.. وقد أنساها من جديد.. أنا أهتم أكثر بتفاصيل لقائي الذي سأذهب إليه.. لا أريد أن أهتم بالقيادة والنظام العابث هذا..

لن يكون هناك ترخيص لي أو لعجلتي.. لن أجدد رخصتي.. لن يكون هنالك أرقام.. أو عسكري مرور أحول.. أو أمين شرطة مرتشٍ يتقاسم أموالي مع ظابط المرور كقطاع طرق العصر الحديث..

العجلة قد تغنيني عن الذهاب للـ(جيم).. ستقوي عضلات صدري وذراعي ورجلي.. وستركبين معي على العجلة.. وسنذهب أي مكان بها.. نحن أحرار.. وسنواجه نظرات الناس.. ستركبي خلفي لتلفي ذراعك الرقيق حول خصري.. أو قد تركبي أمامي مع وعد مني بعدم اِنتصاب قضيبي..

سنركن العجلة في الخارج , وسأقفلها بقفل.. ونذهب إلى أرقى المطاعم والسينمات والكافيهات أو أحقرها.. نحن أحرار.. هي حياتنا.. وسنعيشها كما نريد.. فقط أريدك أن توافقيني على قراري الذي يبدو مجنون..

الناس أصبحت تعشق التمثيل.. الناس عبيد للمظاهر.. وأنا لا أريد أن أفعل مثلهم.. أعرف الكثيرين ممن لا يستطيعوا شراء سيارة.. قد يسيروا كيلومترات على أقدامهم وهو ينظرون بقرف واحتقار وطبقية لمن يقود عجلة بجواره , ويسير بها منطلقاً في الهواء كأنه اِمتلك الدنيا..

وإن كانت الشمس ساخنة , سوف ألبس خوذة شيك ورائعة.. ولا تسخري مني لتكملي الصورة السائدة.. أشعر أنك ستقولي الآن : وفلتضع علم الأهلي , مع جرس وضيع ترررن ترررن.. الأمر ليس بهذه الصورة يا ريم..

أنا أريد أن أركب عجلة.. أن تصبح هنالك عجلة ملكي.. دون الرجوع إلى تاريخ ركوب العجل في مصر والوضع الطبقي السائد حالياً.. تعلمين أنه كانت لدي عجلة وأنا في الإعدادية , وسـُرِقـَت مني.. أحدهم سيح سلك القفل وأخذها وذهب.. أخذت أبكي كثيراً.. وأخذت أنظر على كل العجلات من حولي علـّي أجدها.. لكنها راحت.. اِختفت.. لعلك تفهمي الآن لمَ أحب فيلم "لصوص الدراجات - 1948".. الذي اَتمنى أن تشاهديه معي.. ربما شاهدناه , ونحن على العجلة سوياً.. على محمولي.. ستركبين أمامي وتمسكين بمحمولي ونشاهد الفيلم سوياً يا "ريم".. الفيلم يحمل فلسفات أكبر من هذا بلا شك..

نعم , أنا معك أن الوضع سيكون صعباً خاصة مع المستشفى الجديد الذي سأذهب للعمل به.. اَتخيل منظر البواب وهو يراني وأنا قادم بعجلتي.. قد يخبرني "اِجري اِلعب بعيد يا شاطر" وأخبره أني دكتور.. "آه يعني نفسك تبقى دكتور يعني؟؟.. انت ذاكر كويس , ونول رضا اَبوك وأُمك وهتبقى دكتور".. "ايوة بس انا دكتور فعلاً".. "طب والعجلة اللي جاي بيها ديه ايه؟؟ دكتور أطفال يعني؟؟".. نعم يا "ريم" سأظل أعاني كثيراً مع المجتمع لكي أقنعهم أني أحب عجلتي.. وسأظل متمسكاً بها.. مهما حدث.. وسأذهب لأنفخ عجلاتها عندما تتلف.. أنا أعرف كيف أركب الجنازير عندما تسقط.. شرط أن يكون معي منديلاً لأغسل يدي بعدها من الشحم..

هل تعلمين أنه شعور سخيف أن اَمتلك سيارة -أو موتوسيكل- لأركنها خارج منزلي في الشارع وسط البشر والكلاب.. لا أريد اِقتناء أشياء لا أدخل بها منزلي.. تعلمين أني تخلصت من كل الكتب التي امتلكها عندما وجدتها جميعاً كنسخة "PDF" على الانترنت.. لأني كنت اَتمزق أثناء سفري.. أنا أريد أن أذهب بكتبي الخمسة آلاف هذه إلى كل مكان أسافر إليه.. لكني الآن أفعل هذا عن طريق (فلاشة) صغيرة في حجم عقلة اِصبعي.. أسير ومعي كتبي وأفلامي المفضلة..
وعجلتي سأصعد بها إلى شقتي.. سيقولون عني "الــ دكتور أبو عجلة".. سيقولون أني مجنون , وغريب الأطوار.. لكنهم فيما بعد سيقلدوني.. أنا أعلم هذا جيداً يا ريم.. فهلا ساعدتيني وشجعتيني على قراري هذا ؟؟؟؟
...................

17‏/09‏/2010

"30 يوم"



...........................
(1)
- آلو..
= مساء الخير.
(صوت بارد , آلي , أجش , مستفز.. ناهيك عن أن جملته هذه أتت أثناء تكراري لــ "ألو" ثانية.. لكني سمعتها واضحة , فقلت..)
- مساء النور..
= ..........
- أيوة؟
= أنا كنت عايز منك طلب..
- اِتفضل..
= وأنا متأكد إنك مش هتكسفني!
- اِتفضل..
= أنا اِسمي "هادي عبدالسلام"..
- أيوة...
= واِنت اِسمك ايه؟؟
- "شادي عبدالسلام"!
= أهلاً وسهلاً بحضرتك..
- أهلاً بيك..
= اِسمك زي اِسم مخرج فيلم المومياء..
- آه.. هو أنا.. الله يرحمني..
= يا رب..
- ويصبرني..
= على ايه حضرتك؟
أنهي المكالمة..
دقيقة ويعاود الاتصال من جديد.. من رقم آخر..
- آلو..
= مساء الخير.
- اِنت تعرفني؟
= لأ.. أنا عايز اَتعرَّف.
- طيب يستحسن إنك ماتكونش حد أعرفه , عشان لو طلعت صاحبي.. فأنت تبقى تستاهل إني أخسرك بجد!
= لأ , أنا لسة مش صاحبك.. بس هنبقى صحاب!
- اِنت معليها يعني؟؟ وجربت رقم بالصدفة وجاي تشتغلني؟؟
= لأ برضه , حضرتك.. بس يعني إيه معليها؟؟
- ما علينا.. ممكن ماتتصلش تاني؟
= ممكن حضرتك..
أنهي المكالمة..
...................
(2)
- إنت يابني ماوراكش غيري؟؟ إنت عبيط؟
= بلاش غلط , حضرتك..
- إنت مش قلت مش هتتصل تاني؟؟
= لأ , أنا قلت "ممكن".. يعني فيه احتمالية إني أتصل تاني..
- آها.. يا ابن الناصحة!
= شفت بقى؟
- طيب أنا فاضيلك دلوقتي.. إنت عايز ايه؟
= نبقى صحاب..
- ليه؟
= عشان عايز منك خدمة..
- خدمة ايه؟
= عايز رقمك..
- يعني ايه؟
= أصل أنا بحب واحدة , رقم موبايلها يفرق رقم واحد عن رقمك..
- آها.. قلتلي.. طب ليه ماعرضتش ده م الأول؟
= إنت ماديتنيش فرصة حضرتك..
- طيب ليه ماتشوفش أرقام تاني غيري , وقريبة من رقم الأمورة؟
= حضرتك , هي قالتلي إنها عايزة رقمها يكون نفس رقمك بالظبط..
- طيب ياللي عايز تبقى صاحبي.. طلبك مرفوض.. ماتتصلش تاني..
...........................
(3)
- إنت عندك كام خط؟
= أنا كل يوم بشتري خطوط كتير..
- ليه؟
= عشان ترد عليا..
- ليه؟
= عشان عايز منك خدمة..
- أيوة.. أؤمرني؟
= عايز رقمك..
- مش أنا رفضت؟
= أيوة , بس أنا هعمل محاولة تاني.. عشان أنا محتاجه..
- مقابل ايه طيب؟
= هديك اللي إنت عايزه؟؟
- إنت كدة مش بتدور على رقم بقى..
= أمال ايه حضرتك؟
- إنت كدة بتدور على نمرة!
= مش فاهم حضرتك..
- إنت أهبل يلا ولا بتستهبل؟
= لا ده ولا ده حضرتك؟
- ولااا.. إنت نرفزت أهلي.. وحياة أمي لو شوفتك.. هطلع ميتينك..
= ربنا يسامحك..
- هههههههه.. ومالك كدة قلبت عيل صغير..
= أنا مؤدب حضرتك..
- وأنا اللي قليل الأدب؟
= أنا ماقلتش كدة.. بس حضرتك أدرى بنفسك..
- يا ابن المستفزة!
= ميرسي لذوقك حضرتك..
- آآآآه.. إنت من إياهم بقى.. وبتستفز فيا عشان تستمتع بالإهانات ديه؟
= لأ حضرتك.. أنا مجرد حد عايز رقمك..
- طيب يا جميل.. بكل بساطة أنا مش هدي رقمي لحد..
= حتى لو إديتك اللي إنت عايزه؟
- كام يعني؟
= مليون جنيه!
- ياااااه , حتة واحدة!
= وأكتر كمان , حضرتك.. هسلمك الفلوس الأول , وتسلمني الشريحة..
- بص يا أمور.. الرقم ده معايا له 10 سنين.. عزيز عليا.. يعني بكل بساطة مش هينفع أبيعه.. ولو الشريحة اِتحرقت أو باظت.. هعمل المستحيل عشان أرجعها تاني..
= بس حضرتك لازم تبيع رقمك..
- لا يا راجل!
= أيوة , عشان أنا عايزه..
- شوف يا ابن المجنونة.. لو اتصلت تاني.. هطـَّلع 3 كس أمك.. اِتفقنا؟
= ...............
أنهي المكالمة..
...................................
(4)
اَستيقظ من نومي على رنين المحمول..
رقم غير مـُسجل , لم ألحظه من قبل..
- آلو
= أيوة حضرتك..
- يا دين أمي!!!!!
= أنا "هادي" حضرتك..
- عارفك يا سي زفت.. إنت يابني ماوراكش غيري؟؟ عايز تشلني؟؟ ما قلنا مش هنبيع؟؟
= لازم تبيع حضرتك.. أنا عايز رقمك..
- الله يحرقك إنت وخطيبتك في يوم واحد..
= أنا مصاحب , مش خاطب حضرتك..
- وانت معاك كام رقم بتزاولني بيهم؟
= كتير جداً.. حضرتك ممكن تجيب الخط بخمسة جنيه دلوقتي..
- أيوة , عظيم يعني إنت سخرت حياتك في سبيل إنك تبضن عليا؟
= لأ حضرتك , أنا مجرد حد عايز رقمك..
- إنت كومبيوتر؟؟ روبوت؟؟ ايه دين أم البرود ده؟؟
= أنا بس بحترم حضرتك..
- طيب لو رحت قدمت شكوى فيك , وجـِبت ميتين أمك دلوقتي.. هيبقى منظر ميتين أهلك إيه؟؟
= ربنا يسامحك..
- ولاااااااااا.. ماتجننش اللي جابوني!
= حاضر..
- حاضر على ايه؟
= مش هجنن اللي جابوا حضرتك!
- أحا ... أحااااااااااااااااااا!!!!!!!!
أنهي المكالمة وأنا أجز على أسناني..
.........................
(5)
جعلت خاصية المكالمات الواردة الغير مسجلة تأتي بنغمة صامتة..
لكني استيقظت من نومي لأجد المحمول فاصل شحن..
شحنته.. ووجدت 278 مكالمة مفقودة.. كلها من أرقام غريبة.. غير مسجلة..
ربما هي اشتغالة أو أحد مقالب الشباب السيس في البشر..
على أي حال.. هنالك نوعان من البشر.. من يريدون شراء أرقام غيرهم..
ومن يرفضون بيع أرقامهم..
.........................
(6)
كنت أضع المحمول في الشاحن قبل نومي.. فأصحو لأجد مئات المكالمات المفقودة.. لكن شحنه سليم..
المشكلة وأنا خارج المنزل.. تستمر الأرقام هذه تطلبني..
أكنسل..
أو أرد , وأضع المحمول على مكتب المعمل , عندما اَستمع إلى كلمة "حضرتك" المستفزة..
مرة تركته ينادي علي لدقائق , وعدت , فوجدته منتظراً..
وعدما تسنح لي فرصة أن أحادث شخص في الهاتف بعد أن يتوقف سيل اِتصالاته.. تكاد رأسي تنفجر من رنين الانتظار المستمر..
إنه يريد أن يقلب حياتي جحيماً..
.......................
(7)
الأرقام الغريبة التي تهاتفني تزداد بصورة سخيفة.. وكنت أرد لأجد أصواتاً مختلفة تطلب النوم مع "نانسي" و"ماهيتاب"..
حتى هاتفني اِبن المستفزة هذا..
أخبرني أنه يدخل أكثر من 20 غرفة شات يومياً ويتظاهر بأنه أنثى ساخنة ولها قواد يرد على هاتفها ويضع لهم فيديو مسجل على أنها هي بالكاميرا.. ويعطيهم رقمي..
أخبرني أنه يكتب رقمي في كل مكان يذهب إليه.. على كل الحيطان..
لعل هذا ما يفسر رسائل السباب التي تصل إلي أيضاً..
الأمر بسيط جداً..
الصراع المعتاد في الحياة..
الصراع بين شخص يريد رقم شخص آخر لا ريد الاستغناء عنه..
.....................
(8)
ذهبت إلى شركة الإتصال.. فأخبروني أنه يلزمني تصريح من النيابة العامة لكي أجعلهم يراقبون هاتفي ومنه يتوصلون لمكان اِبن القحبة هذا..
ذهبت للنيابة العامة.. فاكتشفت أن الأجراءات الروتينية المطلوبة أكثر رخامة من هذه المكالمات , وأشد سخافة من كلمة "حضرتك" التي يناديني بها..
قالها لي معاون النيابة الشاب صراحة.. "لازملك كوسة.. عشان الحوار يتم"
سألني إن كنت أعرف اِسمه , فأخبرته أنه أعطاني اِسماً مختلقاً يليق ببطل رواية أحمق!
.........................
(9)
أصبحت أكره موبايلي ورقمي وحياتي واَتعصب دون قصد على كل من يتصل بي أو كل من يرافقني أثناء مكالمات اِبن القحبة هذا..
لماذا لا يوجد "بلوك" لأرقام معينة على الموبايل..
لكن حتى لو أصبحت هذه التقنية متوفرة فهو يهاتفني من أكثر من 10 أرقام يومياً!
أغلقت محمولي.. وفتحته في نهاية اليوم.. لأجد رسائل تشير إلى مئات المكالمات التي تلقيتها!
إنه لا ييأس أبداً.. ولا يكل ولا يمل..
سيأتي يوم واَنفجر من الضغط العصبي.. ليمر بين أشلائي ويلتقط شريحة المحمول ويذهب إلى حبيبته..
........................
(10)
كثيراً ما يدق الجيران بابي.. معتقدين أني اَتشاجر مع شخص موجود معي في بيتي.. وذلك بسبب اِرتفاع صوتي في السباب أوقات ما تطلب معي أن أرد على اِبن القحبة هذا..
هو بكل تأكيد يهاتفني في كل وقت..
أتخيل منظره وهو يهاتفني في الحمام , وهو يأكل , وهو يستحم , وهو يتبول , وهو يضاجع تلك البغلة التي يحبها..
هل هو شخص واحد فقط أم مجموعة تحادثني عبر جهاز يوحد أصواتهم إلى صوتٍ واحد؟؟؟
.....................
(11)
فكرت أن أغير رقمي بالفعل.. لكني شعرت بالإهانة العميقة.. وقلت أن الموت أرحم من هذا بلا شك..
لن أخضع لابن الكلاب المستفز هذا..
أخبرته أني قد اَتخلص من شريحتي هذه للأبد.. ولن أعطيها له..
فلم يهتم , وبقى على بروده..
.................
(12)
عقلي يخبرني.. "مليون جنيه مقابل شريحتي"..
لكن لماذا لم أهادنه وأطلب لقائه؟؟..
أنا أكون عصبي وثائر معه في المكالمات , وهو مستفز لأقصى درجة..
ورغم ذلك أجدني مرعوباً منه..
هو إنسان جعل هدف حياته أن يستولي على رقمي بأي طريقة.. ولا يهمد أو ييأس أبداً..
........................
(13)
اليوم توترت كثيراً في عملي بسببه..
لدرجة أن نقطة من حامض الكبرتيك المركز وقعت على بنطالي المفضل فمزقته وعبثت قليلاً بقطعة من لحم فخذي أسفله..
ناهيك عن إني انفصلت عن خطيبتي ذلك اليوم بسبب عصبيتي..
لماذا لا ألقاه وأقتله؟
......................
(14)
لكن لماذا أولاً لا أجرب أن أهاتف كل الأرقام القريبة من رقمي؟؟..
ربما وجدت رقم حبيبته هذه وساومته بأن يكف عن مضايقتي مقابل أن أتركها ولا أفعل برقمها كما يفعل هو معي..
لكني لست ذلك العاطل المتفرغ للمضايقة كما يفعل!
على أي حال سأجرب , وسأصل لرقمها..
....................
(15)
هنالك فتاتين رقميهما قريبان من رقمي.. وهناك 3 أرقام لم ترد..
وربما الأرقام الأخرى التي رد علي فيها رجال , منها رقم تلك الجحشة..
لا يهم..
سأتأكد من هذين الرقمين..
هاتفت الفتاتين وسألت كلاهما : ممكن أكلم "هادي"؟
فاَتضح أنه لا "هادي" تعرفانه..
آه صحيح.. من قال أنه أخبرني باسمه الحقيقي..
فكرت أن أهاتفهما من جديد لأعرض عليهما أن يبتاعا رقمي..
لكن كيف سأصل لــ "اِبن الكلاب" هذا!!
.........................
(16)
يهاتفني بمعدل 1000 مرة في اليوم..
أسير كثيراً وأنا أحمل 3 بطاريات.. حتى لا أفقد اِتصالاً هاماً..
وإن كان الجميع يخبروني عندما أراهم , أو عن طريق رسائلهم.. أنهم يهاتفوني ورقمي مشغول دائماً!
.....................
(17)
كنت اَنتظر حدثاً جليلاً في حياتي , فضاع مني بسبب مكالماته.. رأسي يكاد ينفجر.. ذهبت إلى الصيدلية , قست ضغطي.. فوجدته 180/120.. أخذت حقنة لازكس..
.................
(18)
ابتعت خطاً جديداً ومحمول جديد.. لكي أجري عليها المكالمات الهامة..
بينما محمولي الآخر كنت أتركه في المنزل في الشاحن.. وأعود إليه وهو يحمل مئات المكالمات المفقودة..
...................
(19)
كنت أشعر ببعض الإهانة وأنا أملي رقمي الجديد للأصدقاء..
وأرحت نفسي بأن أقنعتها أنه حل بديل , حتى ييأس اِبن الوسخة هذا , فيرحل عني ورقمي الأصلي..
لكني أشعر بغصة!
........................
(20)
أخذت أبرر كثيراً لنفسي , حتى أزيل هذه الغصة..
ماذا لو كان عرض علي أن يأخذ رقمي دون أن يدفع شيئاً؟؟
لكانت الإهانة أعمق وأشد..
صحيح أني لن أقبل بالتخلص من رقمي مقابل أموال أو بالمجان..
لكن كونه يعرض سعر مغرٍ كهذا , فهذا يشعرني بالقوة..
أنا لن أخضع لسفالة الماديات..
ولن أضحي بأشيائي وذكرياتي..
لكنه قال مليون جنيه!!!
........................
(21)
لماذا لا أكسب المادة والذكريات معاً؟؟؟
........................
(22)
رديت عليه : أنا موافق.. وأعطيته عنوان منزلي وإلا لن تتم الصفقة..
وافقني..
سيأتي بعد يومين..
ومعه حقيبة بها مليون جنيه..
أنهي المكالمة , وأذهب إلى السوق لاَبتاع صندوق زجاجي متوسط الحجم , يشبه كثيراً ذلك الصندوق الموجود في مقر عملي..
واَبتاع بعض السوائل التي لها نفس رائحة حامض الكبرتيك المركز..
وأعود بها لبيتي..
أضع السوائل هذه في الصندوق الزجاجي.. وأغلقه جيداً..
........................
(23)
يرحل كل الموظفين والعمال والفنيين..
ولا يبقى غيري في مقر عملي..
أقوم بسرقة بضعة زجاجات من حامض الكبرتيك المركز , مع صندوق زجاجي متوسط الحجم..
وأرحل بها إلى بيتي.. دون أن يراني أحد..
وأقوم بتفريغ زجاجات الحامض المركز في صندوق المعمل.. في حمام منزلي..
..........................
(24)
أذهب إلى العمل مبكراً في ذلك اليوم..
وأنا أحمل الصندوق الزجاجي الذي ابتعته..
لا توجد حركة حولي..
أقوم بكسره على أرضية المعمل..
فتنسكب منه السوائل التي لها رائحة الحامض المركز..
ثم أقوم بتكسير زجاجات الحامض المركز..
وأسكب الكثير من المياه على الأرضية..
وأقوم بلم قطع الزجاج ووضعها في الزبالة ببطء..
يأتي العمال والموظفين..
فأخبرهم بخطأي هذا..
فيساعدوني في لم القطع المكسورة..
وبعدها يتقبل المدير عذري مع بعض الخصم في المرتب..
ويعطيني إجازة لنهاية الشهر , لكي اَستريح وتهدأ أعصابي..
غداً ألقاه..
............................
(25)
في تمام منتصف الليل , رن جرس الباب..
وقتها شعرت بقشعريرة هائلة..
وطرأ خاطر مرعب وسريع على ذهني..
لماذا لا يقتلني هو ليحصل على الشريحة؟؟؟
فتحت الباب..
وأثناء انفراجة الباب , وقبل أن يظهر أمامي..
فكرت في أن يكون قد أرسل أحد أصدقائه أو مساعديه..
لو حدث هذا.. فهو كفيل بتدمير أي شيء..
لكني اِشترطت عليه أن يأتي بنفسه..
ماذا لو كان مع آخرين؟؟
فوجدته أمامي..
الآن الساعة تتجاوز الثانية عشر ليلاً.. وهذا يعني أننا سننتقل إلى اليوم الــ
..............................
(26)
طوله يفوق المترين.. وزنه يتخطى المئتين كجم..
كأنه مصاب بمرض العملقة ((Gigantism والذي يأتي نتيجة زيادة إفراز هرمون النمو من الغدة النخامية قبل البلوغ..
وجهه ليس طبيعياً أبداً..
هو عبارة عن وجهين ملحومين..
كأنه مصاب بمرض تضخم النهايات (Acromegaly) والذي يأتي نتيجة زيادة إفراز هرمون النمو من الغدة النخامية بعد البلوغ..
كان يعرق بشدة رغم البرد القارس..
ويده اليسرى ترتعش..
سألته : "فين هادي؟"..
فأجاب : "أنا هادي حضرتك"..
هو نفس الصوت..
صافحته بحذر , فاحتوي يدي في كفه..
لم اَتخيل أن يدي صغيرة لهده الدرجة..
أشرت عليه بالدخول..
وهو يخطو إلى الداخل.. رأيته من كل الزوايا.. كان عملاق مهيب..
أشرت عليه أن يجلس على كرسي معين في الصالة.. وعندما فعل , شعرت وقتها أن الكرسي يقاوم ويكاد يختنق..
كنت أريد أن أهب في وجهه عندما أراه أو حتى على الأقل أنظر إليه بقرف..
لكن طلته أنستني كل هذا..
صوته كما كان في المحمول..
بطيء , أجش , واثق , مهذب , ومستفز اِبن قحبة!
ما الذي يمنعه الآن من قتلي؟؟؟
أخبرني أنه في قمة الآسف عما بدر منه في حقي..
وحكي لي قصته وهو يدمع..
هو الآن في الثانية والعشرين من عمره!!
يعيش مع أمه في فيللا كبيرة..
أبوه هجرهما بعد أن بدأت أمراضه هذه تظهر عليه.. وقال أنه سيذهب ليتزوج من فتاة سليمة , تنجب له أطفالاً أصحاء..
لكنه لا يكره والده.. لأنه ترك لهم بضعة ملايين قبل أن يذهب..
وأصبح يجلس معظم وقته مع أمه..
هي الوحيدة التي لا تخاف منه..
مع ندرة مختارين من أصدقائه..
تذكرت وقتها تكراره لكلمة "حضرتك" و"ربنا يسامحك".. ملامح الطفولة التي لم تفارقه أبداً..
سألته لماذا لم تتعالج وأنت مقتدر مادياً؟؟
أخبرني أن أمه فعلت المستحيل , بلا فائدة..
بعدها انتقل بي إلى حكايته مع فتاة , تعرف عليها عن طريق إحدى غرف الدردشة على الإنترنت , وقابلها مرة واحدة..
أحبته ولم تصرخ عندما رأت وجهه..
ولم تمانع أن يكون زوجها..
فهو به القوة المفرطة , والضخامة الذكورية التي ستحسدها أي أنثى عليها على حد قولها على لسانه..
كنت أريد أن أسأله : طب وبالنسبة لوشك.. ماعندهاش مانع؟؟؟
وكأنه شعر بسؤالي..
فأخبرني أنها تقول أن وجهه دميم حقاً , لكنه مميز..
اِبتسمت في وجهه , ونفيت هذا كاذباً..
"أنا معاك في إنه مميز.. لكنه مش دميم خالص"
أطرق برأسه خجلاً!!
كنت أريد أن أخبره : "كويس والله إن لسة فيه بنات رومانسية بتفكر بالصورة ديه"..
فشعرت أن كلامي هذا سيصبح إهانة..
ولما اِزداد صمته وخجله.. تذكرت وقت ما كان يحرق لي ألف عصب أثناء محادثاته في الهاتف..
أخبرني : "هي طلبت مني شبكة بمليون جنيه ومهر زيه كدة.."
اِبتسمـْت..
"النساء!"..
وتذكرت وقتها أن حالات زيادة هرمون النمو كحالته.. لن تعيش طويلاً.. ربما مات وهو في منتصف العشرين بالكثير.. فتصبح وقتها الفتاة هذه أرملة بملايين..
وربما ظلت عذراء كذلك , لأن معظم الحالات المرضية هذه تكون مصحوبة بعجز جنسي , فتزداد فرصتها في اِصطياد أحمق آخر..
إنها مجرد أنثى ملعونة أخرى..
اللعنة على كل الآخرين على أي حال..
قال : "وكمان طلبت مني طلب تعجيزي حضرتك.. عشان تحس إني ممكن أعمل أي حاجة عشان أتجوزها"
قلت : "إنك تجيب رقمي وتطلع ميتين أهلي؟؟"
قال : "لأ لأ لأ.. هي طلبت إني أجيب رقمك بس حضرتك"..
ممممم .. المعاقون ذهنياً يبدون كالساخرين تماماً..
نظرت إلى الحقيبة التي يحملها..
سألته أن يفتحه..
كانت صغيرة جداً , تستطيع أن تحتويها بكفك..
بها خمسة آلاف ورقة فئة الــ 200 جنيه..
أخبرته : "فين أيام زمان لما كنا بنشوف الناس بتسلم مليون جنيه في أربع شنط ضخمة كدة"
قال : "أيوة صح"
قلت على سبيل الدعابة : "هو على كدة.. في صفقات التسليم اللي بتبقى زي ديه تمن الشنطة بيتخصم م الفلوس ولا بعدها بيرجعوها لأصحابها"
قال : "لأ.. أكيد حضرتك مش بيرجعوها تاني"!
مممممم.. عظيم!
ينظر على أسطوانات الأفلام عندي.. ليخبرني أنه مدمن مشاهدة أفلام مثلي..
سألته : والدتك تعرف إنك عندي؟
قال : لأ حضرتك.. ماما زعلانة مني جداً من ساعة ما حبيت.. عشان بتقول إنها خدتني منها..
سألته : يعني إنت بتعرف تتصرف في فلوسك من غير إذن ماما؟؟
قال : آه طبعاً , بعرف أسحب من المكنة لوحدي.. وكمان اتعلمت السواقة قريب..
"إنت جاي بعربيتك؟"
"لأ حضرتك.. أنا جيت بتاكس"
سألته سؤال غبي جداً , لكنه لن ينتبه إليه بكل تأكيد : مين يعرف إنك هنا؟؟
قال : ماحدش!
استأذنته..
"اِتفضل حضرتك"
وجدتني أسأل نفسي..
هل أغير الخطة رأفة بحاله؟؟
لكني أحب رقمي!!
هو أصلاً ميت ميت..
وأن يعطيني أنا مليون جنيه.. وتتحسر الفتاة الماكرة على صيدها الضائع هو خير عند أمه من أن تذهب أمواله للأبد..
أعود إليه بعصا جدي السوداء الغليظة التي ورثتها عنه..
أنا الآن خلف ظهره..
هو أعصابه تالفة.. ردود أفعاله بطيئة..
أرفع العصا..
لا وقت للندم.. ولا للتراجع..
أنا الآن مـُبرمـَج على تنفيذ الخطة..
أنا لا أهتم بأمراضه.. طالما لم تمنعه من مضايقتي!
وأنهال بها على رأسه..
الدماء تتناثر..
لا وقت للرعب..
ينال أكثر من 10 ضربات قوية..
رأسه تهشمت تماماً..
جزء من بياض مخه قد بدأ في البزوغ..
أسحب جسده الثقيل بصعوبة شديدة إلى الحمام..
لو كان ذو جسد عادي لكنت طبقته , ووضعته في الصندوق الزجاجي حتى يذوب..
لكنه أهلكني..
في البداية وضعت رأسه داخل الصندوق..
وانطلقت الفقاقيع وبدأت عملية الانصهار..
العجيب أن مقاومة بسيطة بدت عنه..
هو لم يمت من ضربات العصا إذاً..
ومن لم يمت بالعصا مات بالحامض..
الآن.. رأسه اِختفت تماماً..
كان منظره مرعباً وكوميدياً.. وهو الآن جسد بلا رأس..
لكني حاولت أن أراه من منظور كوميدي أكثر..
لا وقت للإنسانية وهذا الهراء والخراء..
هناك عمل كثير.. يجب أن أنفذه..
وضعت بعدها أطرافه في الحامض.. حتى لحقت برأسه..
وبعدها.. وضعت باقي جسده بميل حتى يذوب جزء فيسقط جزء آخر ليذوب في الصندوق..
الآن هو اختفى تماماً..
يا للبشر..
إنسان.. طول بعرض.. كان يملأ حيزاً لا بأس به من الفراغ..
الآن هو جزء من الفراغ.. هو الفراغ ذاته..
وضعت حقيبة الأموال في الصندوق الزجاجي.. لتلحق بفراغ صاحبها..
وبعدها ألقيت بمحتويات الصندوق في المرحاض , ووضعت الصندوق أسفل حنفية البانيو , وأخذت أغسله بالماء والصابون , ثم هشمته إلى قطع صغيرة , وأخذت القطع هذه في كرتونة محكمة , تركتها قرب باب المنزل..

بعدها أخذت أمسح أرضية الشقة , وحيطانها , وآثاثها , ومفارشها من بقع الدم التي علقت بها , وأي مكان ربما ترك فيه بصماته , حتى تم كل هذا بنجاح..
أخذت أفحص كل مللي من أرضية الشقة , لا يوجد أي أثر للدماء..

ذهبت لاَستحم , وارتديت بدلة رائعة أعشقها , وضعت الأموال في كيس أسود , وفي اليد الأخرى أخذت كارتونة الزجاج وذهبت إلى الخارج..
انطلقت بسيارتي , وأفرغت محتويات كرتونة الزجاج هذه في نهر النيل.. ثم ألقيت بالكرتونة.. وذهبت بعدها إلى البنك لأضع الأموال في حسابي..
وعدت لمنزلي.. نمت ليوم كامل..
........................
(27)
بمجرد ما استيقظت.. هاتفت البنك لأسأل عن حسابي..
رائع!
إنه لم يكن حلماً إذاً..
هرولت إلى محمولي القديم , لا توجد أرقام غريبة تهاتفني..
لقد فعلتها..
ظللت اليوم بأكمله فارداً ظهري على السرير , أدخن , واَبتسم تجاه السقف!
لقد فعلتها..
..........................
(28)
اليوم وجدت نقطة دم أسفل السجادة.. أخذت أغسل فيها طويلاً وأنا مرعوب.. وأخذت أصبر نفسي بأنها ربما أثر لجرح قديم أو أنها ليست دم..
لو أرسلت السجادة للمغسلة , ربما ستزيد الشكوك حولي..
لا توجد آثار دم أخرى , لكني خائف..
.......................
(29)
استيقظت اليوم , على رنين المحمول..
رقم غريب..
عندما ضغطت على زر الاستجابة , وقع الهاتف مني..
إنه صوته..
اِستعدت الهاتف ثانية..
فاَستمعت إليه يقول : "ليه عملت فيا كدة؟"
فأطلقت صرخة مدوية..
لأجدني اَستيقظ من جديد..
أقرأ في الجرائد خبراً عن شاب تائه يدعى "هادي عبدالسلام"
مع مكافأة كبيرة لمن يعثر عليه..
هو لم يكن يكذب إذاً.. كان اِسمه الحقيقي..
كل جرمه أنه كان مستفزاً ووقحاً لدرجة أنه اِستحق القتل..
أتمنى ألا يكون أحد الجيران قد شاهده أمام منزلي..
ولكي أريح ضميري.. يجب أن أكتب مذكراتي وقت ما كان يهاتفني , وأن أسجل كل سخافاته التي فعلها معي.. لكي أقول أنه يستحق القتل فعلاً..
يجب ألا أنسى أنه دمر لي حياتي وجعلني متحفزاً وعصبياً بسبب سخافاته وطفولته ولهاثه خلف فتاة تستغله..
يجب ألا أنسى عدد الأكواب التي كسرتها , وضغطي الذي اِرتفع , وخطيبتي التي هجرتها , وإحساسي بالقهر والرعب..
يجب ألا أنسى هذا حتى استطيع أن أعيش دون الشعور بالذنب..
........................
(30)
إنه آخر يوم في الإجازة..
ويجب علي أن أعود غداً إلى العمل..
هل أهجره وأبحث عن مشروع أديره دون أن يرهقني؟؟
أم أن الشكوك ستتجه نحوي وقتذاك؟؟
طرأ على ذهني خاطر مضحك.. وسخيف..
أن أظل حتى أموت خائفاً من أن أسحب شيئاً من الأموال هذه..
وفي النهاية تذهب للحكومة..
تذهب لأحد الوزراء الفاسدين وربما اِبن الرئيس..
على أي حال أنا لا أزال مراهقاً في الفساد والشر.. وما أنا إلا جزء من منظومة كبرى من الفساد.. ترس يدور , يسرق من آخر ليعطي غيره..
أنا مجرد نقطة على خط يرسم دائرة فاسدة مشوهة..
أنا الذي دمرت حلم فتاة طامعة في ثورة.. نتيجة غبائها الذي جعلها تختلق (اِفتكاسة) رومانسية سخيفة مثل أن يحضر حبيبها رقم كرقمها..
من أجل أن تذهب بعض الأموال لدي.. وباقي الأموال لوالدته..

لماذا لم أطلب منه مليونين أو ثلاثة؟؟

لأني كعادتي الحمقاء.. لم اَعتقد أنه كان صادقاً..
ماذا لو حولت المليون جنيه هذه في البنك إلى وديعة مدى الحياة..
تأتي إلي بــ 11 % كفائدة..
ستعود إلي بــ 9 آلاف جنيه شهرية على الأقل..
سأدفع منها أقساطاً لسيارة جديدة , وربما منزل جديد..
سيارة جديدة ومنزل جديد؟؟؟
أين الذكريات هنا؟؟؟
أم ربما لأن الأمر وقتها سيصبح باختياري الخاص؟؟
هل لو كان "هادي" قد تأخر عن مهاتفتي لشهر أو أكثر , لكنت قد أبدلت شريحتي بأخرى؟؟
هل تحايل علي كبريائي ليصور لي أني لا اَستغني عن أشيائي لمجرد أن آخرين يطلبونها؟؟
نعم , هذا حقيقي.. أنا سأظل أحب أشيائي حتى اَتخلص منها بإرادتي وحدي..
ساَبتاع سيارة جديدة , ومنزل جديد..
وسأظل في وظيفتي كما أنا..
ما أجمل أن أكون موظفاً باختياري.. دون إجبار..
حيث لن أسمح لمدير أو غيره بالتحكم في..
وسأبحث عن فتاة لأتزوجها.. لأنجب بضعة أطفال , أقلب حياتهم جحيماً وسروراً..
وفي النهاية.. سأموت ولا يذكرني أحد..
لا يهم هذا..
فأنا إنسان عادي.. كل ما يريده من الدنيا هو أن يعيش , وهو متعلقاً بأشيائه..
والويل.. كل الويل لمن أراد أن يقترب مني ليعبث معي!
...........................

14‏/09‏/2010

أروع مشاهد في تاريخ السينما.. (1)

A
Francis Ford Coppola
1
Apocalypse Now (1979)
الأخضر يحترق..
مع الأغنية القاسية لفريق "The Doors" ..
"إنها النهاية..
صديقي الجميل
إنها النهاية..
صديقي الوحيد
لكل آمالنا القادمة
حيث لا آمان ولا مفاجآت.."
ونشاهد الظابط الأمريكي "ويلارد" وهو نائم والسجارة في فمه , يستيقظ ليباغت عدواً وهمياً , فينام من جديد..
يكسر المرآة , يجرح نفسه , يبكي , يضحك , يسكر.. ويستعد للمهمة الجديدة..
سوف يقتل..
لن أكون مبالغاً لو اعتبرتها أجمل بداية فيلم في تاريخ السينما..
شعور الغربة والتخبط وفقدان معنى الإنسانية من الحروب الطويلة بسبب الأديان والسياسة..
الآن تستطيع أن تخمن من سيكون المقتول..

2
The Godfather (1972)
مشهد بداية الأب الروحي , يأخذك من يدك إلى عالم الدولة داخل الدولة.. عندما يصبح القانون ظالماً فليس لديك بديلاً إلا أن تخالفه , بقانون آخر.. لكن يلزم قبل هذا أن يكون لديك عائلة وسلطة ونفوذ ومال تشتري به رجال القانون الأصلي.. المشهد عن الحانوتي الإيطالي الذي ظلمه القانون الأمريكي في ابنته.. وهنا يأتي دور الأب الروحي ليدخل المعركة..
"وحتى يأتي وقت أحتاجك فيه لترد إلي هذه الخدمة.. فلتعتبرها هدية مني"

B
Martin Scorsese
3
Taxi Driver (1976)
يخرج "ترافز" من مقهى سائقي التاكسيات , يطلب أن يتحدث قليلاً مع من يماثل الأب الروحي للسائقين.. إنهم يدعونه بالحكيم.. فكثيراً ما يقصده السائقون لحل مشاكلهم عن طريق نصائحه رغم أنه ليس الفيلسوف "برتراند راسل" كما يقول.. يحاول "ترافس" أن يفك عقدة لسانه أمامه , فلا يستطيع.. فلا يستمع لهمومك أحد إلا لو كان شامت أو فاضح أو ذا مصلحة.. فيترك الرجل ليخمن شكواه , ويرد عليها..
I got some bad ideas in my head..
3 : 45
7 : 20

4
Raging Bull (1980)
لن تشاهد تجسيد للبارانويا كما فعل "دي نيرو" في ذلك المشهد.. فالفاتنة الصغيرة التي تزوجها قلبت حياته جحيم.. وجعلته يشك أن أخيه قد ضاجعها.. ويبدأ الهجوم عليهما كأنه تيقن تماماً من وقوع الخيانة..
تبدأ ذروة المشهد عندما يشاهد زوجته تقبل أخيه عن طريق الفم , لكنه أدار وجهه بعيداً عنهما , تجاه التلفزيون.. كأنه لم يرَ هذا.. لكي يفكر كيف سيبدأ الصراع
لن تنسى صوت "دي نيرو" الهاديء وهو يحاول أن يخرج باعتراف من لسان أخيه أنه فعلها مع زوجته
هي واحدة من أجمل اللقطات الطويلة في تاريخ السينما بلا شك.. آداء تمثيلي مذهل محكوم بعبقرية إخراجية..
I heared things, Joey! I heared things!
You fucked my wife?!!

C
Paul Thomas Anderson
5
Magnolia (1999)
لم يمزقني مشهد في حياتي مثل هذا.. "توم كروز" بآداء تمثيلي قاسٍ , وهو أمام والده بعد سنوات عدة , لكنه الآن يحتضر..
والده الذي دمر حياته , وهجره صغيراً , تاركاً أمه وهي مريضة بالسرطان لترعاه , بينما ذهب هو ليتزوج فتاة صغيرة.. الآن حان وقت الانتقام
لكن ممن ستفعل؟؟
آداء "توم كروز" وهو يتشنج ويبكي ويسب ويضغط على أعصابه بطريقة توحي وكأنه سينفجر.. وكأن لسان حاله يقول : يمكنني أن أقتلك الآن , أن أبصق في وجهك , أن أنهي حياتك بإصبع واحد.. لكني لا اَستطيع.. ويبقى السؤال المنطوق بلغة الجسد : لمَ فعلت هذا من الأساس؟؟

06‏/09‏/2010

أحسن القصص..


قد تبدأ الأحداث بــ3 شباب في سيارة , في منطقة زراعية نائية عن أضواء المدينة , يدخنون الحشيش وهم يستمعون إلى "أبوالليف".. يتحدثون عن كيفية كسب المال وفروج النساء , لكني قد أقرب الكاميرا لأحضر شاب يمر بجوارهم معه مسدس به 3 طلقات ليقتلهم ثم يرحل بالسيارة نحو المجهول بعد أن يلقي جثثهم , ومعه أموالهم القليلة.. وقد أعود لأحكي ظروف هذا الشاب المادية والنفسية , وكيف اِمتلك مسدساً , أو أتجه لمستقبله في سيارة بها بعض الدماء.. وقد اَستبعد كل هذا , لأقرب الكاميرا أكثر على وجه ذلك الفلاح الذي وجد 3 جثث في أرضه قبل أن يبدأ عمله ورجاله.. وقد أخلق رجل أعمال يريد أن يبتاع أرض الفلاح هذه ليبني عليها مصنعه , فيتحد مع ظابط فاسد ليتهما الفلاح بمقتل الشبان الثلاثة.. إلا وتنازل عن أرضه.. ربما أعود لأتناول تاريخ هذه الأرض عند الفلاح , وكيف أصبحت من حق جده , بعد قانون الإصلاح الزراعي , وأتحدث قليلاً عن السياسة.. عن الزعامة الناصرية التي هدمتها البهلوانية الساداتية حتى آل الأمر في النهاية لفوضى مباركية.. ولا أنسى أن أخفي اِنطباعاتي السياسية هذه عند الكتابة , وأن اَكتفي بتسجيلها فنياً بكل خبث وتظاهر بالحياد , لكي أدفع القاريء لاعتناق وجهة نظري دون أن أعبر عنها صراحة.. وقد أعود لأسرد ما سيسفر عنه الصراع بين الفلاح ضد فساد الأمن والمال.. قد أكتب عن كل هذا , أو عن بعضه أو أتجاوز عنه نهائياً وأكتب شيء آخر , وقد يأتي قاريء ليسجل إضافة , أو تعديل , أو تصحيح , أو يشهد بعبقرية الكاتب , أو بسذاجته.. قد يحدث كل شيء , وأي شيء , طالما نروي قصة هنا.. لكن الأكيد من كل هذا.. أنه لا يوجد كاتب يقول أنه يؤلف أو يروي أحسن القصص.. إلا لو كان ساذجاً بلا شك. يعلم ذلك جيداً كل من أمسك قلم - أو ترك أصابعه تتراقص على لوحة المفاتيح -ليخط قصص واقعية!

02‏/09‏/2010

Fake Plastic Trees - 1995

آداء الفريق البريطاني : Radiohead

ترجمة وتقريب : أحمد مختار عاشور
...........
"أشجار بلاستيكية زائفة"
...........
تأخذ دورق الماء البلاستيكي الأخضر..
لتسقي به نباتها الصيني المطاطي الزائف!!
في كوكب بلاستيكي زائف ..
............
هي ابتاعت هذا من بائع المطاط..
في مدينة ملأى بالنبات الزائف..
لتكذب على نفسها ..
ثم تخدع نفسها.. لحد الإرهاق..
نعم , تخدع نفسها.. لحد الإرهاق..
........
هي تعيش مع رجل مهزوم..
روحه خابية , هشة..
طوال الوقت عابساً مكتئباً..
بعد أن كان يجري عمليات تجميل للفتيات في الماضي..
لكن الزمن دوماً ينتصر..
وهي تقوم بخداعه.. لحد الإرهاق..
نعم , تقوم بخداعه.. لحد الإرهاق..
...........
هي تبدو وكأنها حقيقية..
ومذاقها يبدو كأنه حقيقياً..
هي حبي البلاستيكي الزائف!
لكني لا أستطيع مقاومة مشاعري..
نعم , أنا استطيع أن أخترق السقف..
لكن هذا فقط عندما أتركها واَبتعد..
هي تقوم بخداعي.. لحد الإرهاق..
هي تقوم بخداعي.. لحد الإرهاق..
.........
فأنا لا اَستطيع أن أكون كما تريدين..
نعم , لا اَستطيع أن أكون كما تريدين..
طوال الوقت..
طوال الوقت..
.........

حـَمـِّلْ واِسمـَعْ