محتوى المدونة لا يناسب من تقل أعمارهم عن 17 سنة !! (مش أنا اللي بقول)

OnePlusYou Quizzes and Widgets

Created by OnePlusYou - Free Dating Sites

سـِفـْرْ عـَاشـُوريات

30‏/08‏/2008

و لماذا لا أترجم أفضل قصة قراتها؟!

Memento Mori
..............
هل هي مصادفة أم عبقرية أن الثلاث أفلام الوحيدة التي كتبها الأنجليزي جوناثان نولان (32 سنة) نراها في قائمة أفضل 100 فيلم في التاريخ؟
كتب جو نولان سيناريو فيلمي "The Prestige-2006" و "The Dark Knight-2008"-الثاني الذي لا يزال بدور العرض مهدداً عرش أفضل الأفلام نقدياً و تجارياً- بالتعاون مع أخيه المخرج العبقري "كريستوفر نولان" (38 سنة)
.........................
قبل هذين الفلمين كان قد كتب قصة قصيرة تدعى "تذكار موت" تلك التي ستقرؤوها بعد أسطر قليلة.
تلك القصة التي انبهر بها شقيقه بشدة فكتب لها سيناريو محكم وأخرجها مضيفاً أحداث تعصف حركة أكثر من القصة العبقرية ذاتها..ليخرج إلى النور فيلم "MEMENTO-2000" الذي يمكنك أن تصنفه دون تردد أو مبالغة كواحد من أدق و أمتع الأفلام على الإطلاق من حيث حبكة السيناريو المدهشة الممتلئة بالمفاجآت مع إخراج مذهل و تمثيل رائع.
فكرة القصة بُنيت على أساس مرض نفسي نادر وهو الذاكرة الرجعية.(Anterograde Amnesia).
المريض يتذكر ماضيه جيداً كما كان قبل حادث معين يتعرض له..لكن مخه يتوقف عن تسجيل الأحداث\الذكريات الجديدة.
فكرة مرضية..تستوحي منها آلاف الرموز.
فالطبع الدائم في الإنسان هو النسيان.
نحن لا نغفر لأعدائنا لأننا طيبون..بل لأننا نسينا ما فعلوه بنا.
لا يتبقى مما فعلوه بنا غير العنوان.
لكن مقدار الجرح الذي لا تستطيع وصفه كتابة لن تذكره!
نحن نشكو من ظلم الناس و نطلب العيش في كوكب تاني بعيدا عن وحوش البشر
متناسين اننا قد نكون أحد هؤلاء الوحوش.
ستقرأ الآن قصة لبطل ينسى كل 10 دقائق تقريباً.
شخصية جديدة تولد بداخلك كل 10 دقائق..تعتمد على ما سجلته ال10 دقائق السابقة - المرحومة- لتكون نصائح للعشر دقائق القادمة.
أنت تقرأ قصة لبطل يعلم جيداً كيف يبدأ الحياة...لا يثق إلا في خط يده.
هناك أوامر مقدسة يضعها لنفسه.
لا يحيد عنها..و عند تناقضها يختار الأدق..وقد يضطر هذا الشخص لخداع نفسه منتظراً أن ينسى ما فعله حتى تأتي العشر دقائق القادمة فينفذ الخديعة التي تركتها شخصيته التي ماتت للتو.
يخدع نفسه لكي يشعر بالراحة.
ستقرأوا الآن قصة لرجل لن يسامح أعدائه لأنه غير قادر على التذكر لينسى.
فإلى هناك....
....................


قصة : تذكار موت
تأليف : جوناثان نولان
ترجمة : أحمد مختار عاشور
بمساعدة : محمد علي السيد
.......................
"ما يشبه الرصاصة قد يُصيب!"
-هيرمان ميلفيل
لشد ما اعتادت زوجُك على أن تقول أنك سوف تتأخر على جنازتك.
أتذكر هذا؟
دعابتها القصيرة بسبب استهتارك.
دوماً متأخر.
دوماً تنسى الأحداث.
حتى قبل الحادث.

حقاً أنت الآن قد تتساءل لو كنت قد تأخرت عليها في شئ ما.

أنت كنت هناك.
كُن متأكداً من هذا.
فهذا ما تشير إليه الصورة التي على الباب.
ليس من عاداتك أن تلتقط صورة في جنازة.
لكن شخصاً ما.
أطباؤك.
على ما أعتقد.
علموا أنك لن تتذكر.
التقطوها واضحة وكبيرة وألصقوها هناك.
على الباب.
قد تشعر بالحيرة لكن رؤيتك للصورة كل مرة ستجعلك تنهض لتكتشف أين ذهبت هي.

الرجل الذي في الصورة.
الذي يحمل الزهور؟
هو أنت.
وماذا تفعل؟
أنت تقرأ شاهد القبر.
تحاول أن تعرف في جنازة من أنت.
بالظبط هو كما تقرأ الآن.
تحاول أن تعرف لماذا ألصق أحدهم الصورة على بابك.
لكن لماذا أخي تقرأ شيئاً لن تذكُره بعدها؟

هي ذهبت.
ذهبت بريئة.
لابد أنك تتألم الآن.
عندما تعرف ذلك الخبر.
صدقني.
أنا أعرف شعورك.
أنت تقريبا مُحطًّم.
لكن أعطِ نفسك خمس دقائق.
أو 10.
أو حتى نصف الساعة وبعدها ستنسى تماما.

ستنسى.
أضمن لك هذا.
دقائق قليلة أخرى وستتوجه نحو الباب باحثاً عنها ثانية.
ستنهار عندما تجد الصورة.
كم عدد المرات التي سيتذكر فيها الخبر أي جزء آخر من جسدك.
أي جزء آخر باستثناء مخك المصاب.
أبدأت تتذكر؟

حزن لا ينضب.
غضب لا ينتهي.
ضياع وتشتت.
ربما لن تقدر على فهم ما حدث.
ولا أستطيع أن أخبرك أني أفهم أيضاً.
ذاكرة رجعية.
هذا ما تقوله أعراضك.
مرض "ليخ".
(المترجم : ليخ : اختصار لــ "لا يتذكر أي خراء" كترجمة لـــ "can't remember shit" والتي ذكرت في القصة مختصرة لــ "("CRS
تخمينك جيد كتخميني.

قد لا تفهم ما حاق بك.
لكنك ستذكر ما حدث لها.
أليس كذلك؟.
الأطباء لم يرغبوا في محادثتك في هذا الأمر.
ولن يجيبوا أسئلتي.
هم يعتقدوا أنه لا ينبغي لشخص في مثل حالتك أن يعرف أشياءاً كهذه.
لكنك تذكر الآن جيداً.
أليس كذلك؟
أنت تذكر وجهه.

هذا ما دعاني لمكاتبتك.
بلا جدوى.
ربما.
ولا أعلم كم مرة ستقرأ هذا قبل أن تصغي إلي.
أنا حتى لا أعلم لكم من الوقت حبست نفسك في هذه الغرفة.
ولا أنت.
لكن ميزتك في النسيان أنك ستنسى أن تكتب لنفسك السبب المفقود.

عاجلاً أم آجلاً ستحتاج لفعل شئ في هذا.
وعندما تنوي.
عليك فقط أن تثق بي.
لأني الوحيد القادر على مساعدتك.

يفتح إيرل عين بعد الأخرى لتصدم بامتداد قراميد السقف البيضاء المتقاطع بعلامات لكتابة يدوية مسجلة فوق رأسه مباشرة.
كبيرة بصورة كافية ليقرأها من وضع الرقاد.
مُنبِه يرن من مكان ما.
هو يقرأ العلامات.
يرمش.
يقرأها ثانية.
ثم يلقي نظرة على الغرفة.

هي غرفة بيضاء.
ناصعة البياض.
بدءاً من الحيطان والستائر انتهاءاً بالآثاث المُجّهز وغطاء السرير.
المنبه يرن من المكتب الأبيض تحت النافذة ذات الستائر البيضاء.
عند هذه النقطة تقريباً يلاحظ إيرل أنه مستلقِ على طرف السرير.
كان يلبس رِداء العمليات وخُفين.

يضجع للخلف ويقرأ العلامات المسجلة على السقف ثانية.
العلامات تقول.
بحروف تاجية كبيرة مهزوزة.
تلك هي غرفتك.
الغرفة توجد في مستشفى.
حيث تعيش الآن.

ينهض إيرل ويلقي نظرة على ما حوله.
الغرفة كبيرة على غرفة مستشفى.
هناك سجاد نظيف ممتد من قاعدة السرير لثلاث اتجاهات.
لبابين ونافذة.
الإطلالة ليست واضحة.
لعلها مجموعة أشجار وسط كمة أعشاب مقلمة بعناية تؤدي إلى مسارين أسفلتيين.
الأشجار.
ماعدا قلة مُزهرة.
كانت بلا أوراق.
أوائل الربيع أو أواخر الخريف.
يا هذا يا ذاك.


سطح المكتب مكتظ بملاحظات مدونة.
تحقيقات نيابة.
قوائم مطبوعة بعناية.
كُتيبات عن الأمراض النفسية.
صور مؤطرة.
على رأس تلك الفوضى ورقة كلمات متقاطعة نصف محلولة.
المُنبه فوق كومة من الصحف المطوية.
إيرل يضغط على زر الإغفاء ويتناول سيجارة من العلبة المخبأة في كُمه.
يتحسس جيوبه باحثاً عن كبريت.
يزيح الأوراق من على المكتب.
ينظر في الأدراج بسرعة.
بالصدفة يجد علبة الثقاب مسنودة على الحائط عند النافذة.
علامة أخرى مسجلة فوق علبة الكبريت تقول بحروف صفراء مزعجة.
سجائر؟
تأكد من وجود الشعلة أولاً.
يا غبي.

إيرل يضحك على العلامة.
يشعل سيجارته.
ويأخذ نفس طويل.
موضوع عند النافذة أمامه علامة أخرى على ورقة فلوسكاب معنونة بــ جدولك

مُقسم بالساعات.
كل ساعة.
في مجموعات مثلاً المطلوب من الساعة الـ10 مساءاً حتى الساعة الـ8 صباحاً هو عد للنوم.
إيرل ينظر للمُنبه: 8:15.
هناك ضوء في الخارج.
هو الصباح إذن.
يفحص ساعته: 10:30
يُقرِّب الساعة من أذنه ويسمع.
يُدوِّر الساعة مرة أو مرتين حتى يظبطها كما في المنبه.

وفقاً للجدول.
الوقت من الــ8 للــ8:30 مكتوب أمامه اغسل أسنانك.
إيرل يضحك ثانية ويذهب للحمَّام.

نافذة الحمام مفتوحة.
يضم ذراعيه ليستجلب الدفء.
يلاحظ المنفضة على حافة النافذة.
بها سيجارة.
تحترق بانتظام مخلفة إصبع طويل من الرماد.
يتجهم.
يُطفئها ويشعل أخرى.

فرشاة الأسنان كانت ممعجنة بالمعجون الأبيض.
الحنفية من النوع الذي يجب أن يُضغط لتضخ الماء.
دفقة مياه لكل ضغطة.
إيرل يُدخل الفرشاة لداخل خَدُّه لكنه يهمل ترجيعها ويرغي عندما يفتح علبة الأدوية.
الرفوف شُغلت بعلب استعمال فرد واحد فيتامين.
وأسبيرين.
ومانع لإدرار البول.
وغسول الفم أيضاً استخدام فرد واحد.
عبارة عن أمبول به سائل ازرق في زجاجة محكمة الغلق.
فقط معجون الأسنان هو الوحيد ذو حجم اعتيادي.
إيرل يبصق المعجون من فمه ويستبدله بغسول الفم.
عندما يضع الفرشاة بجوار المعجون.
يلاحظ ورقة صغيرة مثبتة بين أحد الرفوف الزجاجية وجدار صندوق الأدوية.
يبصق السائل الأزرق الرغو في الحوض ويمضمض فاه.
يغلق صندوق الأدوية ويبتسم لانعكاسه في المرآة.

"من يحتاج لنصف ساعة ليغسل أسنانه؟"

الورقة كانت مطوية لحجم صغير وكأنها جواب غرامي لطفل في السادسة الابتدائية.
إيرل يفتحها ويضعها أمام المرآة.
ويقرأ.
لو كنت لا تزال قادراً على قراءة هذا.
فأنت قَحب جبان.

إيرل يحدق ببلاهة في الورقة.
ويقرأها ثانية.
يقلبها.
في الظهر يقرأ.

ملحوظة: بعدما تقرأ الورقة.
خبها ثانية.

إيرل يقرأ الناحيتين ثانية.
ويطبق الورقة كما كانت ويضعها تحت المعجون.

ربما بعدها يلاحظ الندبة.
تبدأ أسفل أذنه مباشرة.
سميكة ومتعرجة.
وتختفي تدريجيا في إتجاه منبت الشعر.
إيرل يلف رأسه ويحدق بزاوية عينه ليتبع مسار الندبة.
مستدلاً بطرف إصبعه.
ينظر نحو السيجارة التي تحترق في المنفضة.
تناله الأفكار.
يخرج من الحمام.

يتصلب عند باب الغرفة.
يسند بيده على مقبض الباب.
هناك صورتان على الباب.
تجذبه أولاً صورة أشعة رنين مغناطيسي.
إطار أسود لامع مقسم لأربع أشعات لجمجمة شخص.
بقلم ماركر.
مكتوب أسفلها: مخك.
إيرل يحدق فيها.
دوائر داخل دوائر بألوان مختلفة.
هو يتعرف على مقلتي عينيه و.
خلفها فصي المخ.
تعريجات ملساء.
دوائر.
أشباه دوائر.
لكن هناك في منتصف رأسه.
دائرة مرسومة بقلم ماركر.
تحيط بسرداب يمر خلف الرقبة كدودة تخترق ثمرة المشمش.
هو شئ مختلف.
مُشوه.
مكسور.
لكن لا لبس فيه.
لطخة سوداء.
على شكل زهرة.
هناك في منتصف مخه.

يميل ليلقي نظرة على الصورة الثانية.
هي لرجل يحمل الزهور.
واقف أمام قبر مشيد للتو.
يميل بصورة زائدة.
ليقرأ شاهد القبر.
لوهلة ستدرك أن هذا يبدو كقاعة من المرايا أو بدايات لعروض بلا نهاية: رجل يميل لينظر على رجل أصغر.
يميل أكثر.
ليقرأ شاهد القبر.
إيرل ينظر طويلا للصورة.
ربما سيبدأ في البكاء.
ربما سيكتفي بالتحديق صامتاً فيها.
في النهاية.
يذهب إلى سريره.
يلقى بنفسه عليه.
يغلق عينيه.
يحاول النوم.

السيجارة تحترق بثبات بعيداً في الحمام.
عقارب المنبه تعد تنازلياً من 10.
ويبدأ في الرنين ثانية.

يفتح إيرل عين بعد الأخرى لتصدم بامتداد قراميد السقف البيضاء المتقاطع بعلامات لطباعات يدوية مسجلة فوق رأسه مباشرة.
كبيرة بصورة كافية ليقرأها من وضع الرقاد.

لن يمكنك الحصول على حياة طبيعية بعد الآن.
يجب أن تعرف هذا.
كيف ستصادق فتاة إن كنت غير قادر على تذكر إسمها؟
كيف ستنجب أطفالاً.
إلا لو أردتهم أن يشبوا مع أب لا يستطيع تمييزهم.
حقيقة كالجحيم هي أنك لن تستمر في وظيفة.
لا توجد مهن كثيرة يكون النسيان فيها ذو فائدة.
العهر.
ربما.
السياسة.
أكيد.

لا.
حياتك انتهت.
أنت رجل ميت.
الشئ الوحيد الذي يأمل الأطباء أن تتعلمه هو أن تكون أقل عبئاً على الممرضين.
ومن المحتمل أنهم لن يدعوك تعود لمنزلك.
أينما سيكون.

وبالتالي السؤال هنا ليس "أن تكون أو لا تكون".
لأنك غير كائن.
السؤال هنا لو رغبت في فعل شئ في هذا الأمر.
إذا كان الإنتقام يُهمك.

معظم الناس يهتموا بالانتقام.
لأسابيع قليلة.
يخططون.
يدبرون.
يضعون الحسابات السهلة.
لكن مرور الوقت سينخر من حماستهم الأولية.
الوقت سرقهم.
أهذا ما يقولونه؟
والوقت في النهاية يُقنع معظمنا أن الصفح فضيلة.
بالمناسبة.
الجُبن يبدو متماثل مع الصفح في ظروف معينة.
الوقت يسرق أعصابك.

لو كان الوقت والخوف بغير كافيين لدفع الناس عن الانتقام.
ستكون هناك السُلطة.
سَتَهِز رأسها في سماحة وستخبرك.
أنهم يتفهمون موقفك.
لكنك الأفضل بسبب تركك للأمر.
ولم تُصّعد الموقف.
ولم تهبط لذلك المستوى.
وإلى جانب ذلك.
تقول السلطة.
أي تصرف غبي سيَصدُر عنك فسوف نحبسك في زنزانة صغيرة.

لكنهم بالفعل وضعوك في غرفة صغيرة.
ألم يفعلوا؟
الفرق أنهم لم يغلقوها بمفتاح ولم يضعوا حراسة جيدة أيضاً.
لأنك مشلول.
جثة.
كنبتة لن تتذكر أن تأكل أو أن تتبرز إلا لو ذكرها أحدهم.

وبالنسبة لمرور الوقت.
حسن.
هذا لم يعد ينطبق عليك بعد الآن.
أليس كذلك؟
عشرات الدقائق متشابهات.
مراراً وتكراراً.
لذا كيف ستسامح إن كنت غير قادر على التذكر لتنسى؟

كنت من النوع الذي يقول دع الأمر يمر.
أليس كذلك؟
لكنك الآن لست الرجل الذي اعتدت أن تكونه.
ولا حتى نصفه.
أنت جزء.
أنت الآن رجل العشر دقائق.

بالطبع.
الضعف قوة.
هو مُحرِك حياتك.
ربما تفضل أن تجلس في غرفتك الصغيرة وتبكي.
تعيش على أنقاض ذكرياتك الصغيرة.
تُلمّع كل ذكرى بعناية.
نصف حياتك ستقضيه خلف زجاج ومٌثبت في كرتون كمجموعة من الحشرات الغريبة.
ستحب أن تحيا خلف هذا الزجاج.
ألن تفعل؟
أيها الهلامي.

تريد أن تفعل هذا لكنك لن تستطيع.
أتستطيع؟
لن تستطيع بسبب أخر شئ علق بذاكرتك.
وجهه.
وجهه وزوجتك.
تنظر إليك لتنقذها.

وربما تتقاعد بعدما تُنهي ذلك الأمر.
تجميعتك الصغيرة.
سيحبسوك في غرفة أخرى صغيرة وستعيش بقية حياتك في الماضي.
لكن فقط لو وقعت في يدك ورقة صغيرة مكتوب عليها أنك قد قضيت عليه.

أنت تعرف أني على صواب.
تعرف أنه عليك الكثير لتفعله.
قد يبدو مستحيلاً.
لكني متأكد أننا لو أدينا ما علينا.
فلسوف نخرج بشيئاً ما.
لكنك لا تمتلك الكثير من الوقت.
أنت لا تمتلك إلا عشر دقائق تقريبا.
في الواقع.
وبعدها ستبدأ كل شئ من جديد.
لذا افعل شيئاً بالوقت الذي تملكه.

إيرل يَفتح عينيه ويرمش في الظلام.
المُنبه يرن.
يشير للـ3:20.
وضوء القمر الساري عبر النافذة يشير إلى بعد منتصف الليل.
يتحسس إيرل زر الإضاءة.
يتخبط أثناء الضغط عليه.
ضوء ساطع يملأ الغرفة.
يُلون الآثاث بالأصفر.
والحيطان.
وغطاء السرير أيضاً.
يضجع للخلف ويتطلع فوقه إلى امتداد قراميد السقف الملونة بالأصفر.
المتقاطع بعلامة لكتابة يدوية مسجلة على السقف.
يقرأ العلامة مرتين.
ربما ثلاثة.
ثم يرمش قبل أن يستطلع الغرفة بعينيه.

غرفة بلا آثاث.
في مؤسسة تبدو.
ربما.
هناك مكتب أسفل النافذة.
المكتب لا يوجد شئ على سطحه باستثناء المُنبه الذي يرن.
ربما يلاحظ إيرل عند تلك النقطة.
أنه يرتدي ملابسه كاملة.
حتى الحذاء وهو تحت الغطاء.
ينهض من على السرير ويذهب للمكتب.
لا شئ في الحجرة يدل على أن أحد ما يعيش فيها.
أو حتى عاش.
فيماعدا بعض الملصقات الغريبة المبعثرة هنا وهناك على الحائط.
لا صور.
لا كتب.
لا شئ.
من خلال النافذة.
يستطيع أن يرى سطوع البدر على العشب المشذب بعناية.

إيرل يضغط على زر الإغفاء في المُنبه ويحدق لوهلة في المفتاحين المربوطين بظهر يده.
يفضهما أثناء بحثه خلال الأدراج الفارغة.
في الجيب الأيسر لجاكيتته.
يجد رزمة من الأوراق المالية فئة المئة دولار وخطاب مغلق داخل ظرف.
يتفحص باقي الحجرة والحمام.
قصاصات ورق.
أعقاب سجائر.
لا شئ آخر.

بذهول يمرر إيرل يده على الندبة التي على رقبته ويذهب للسرير ثانية.
يضجع للخلف ويحدق في السقف والعلامة التي عليه.
يقرأها.
انهض.
اخرج الآن.
هناك من يريد قتلك.

يغلق إيرل عينيه.

حاولوا أن يعلموك أن تصنع قوائم في المدرسة.
أتذكر؟
عد للخلف عندما كان مخطط يومك على ظهر يدك.
ولو كانت ترتيباتك هذه تزول مع مياه الاستحمام.
حسن.
هم لم يفلحوا في هذا.
مُهمِل.
هم قالوا هذا.
غير منضبط.
لذا فقد حاولوا أن يجعلوك أن تكتب كل ما يحدث في أي مكان بصورة دائمة.

بالطبع.
سيضحك معلموك حتى يبلّوا بناطيلهم لو رآوك الآن.
لانك أصبحت الآن طالباً مثالياً في اتباعك لدروسهم عن التنظيم.
لأنك لن تستطيع حتى أن تتبول بدون الرجوع لقوائمك.

هم كانوا على صواب.
القوائم هي الشئ الوحيد الذي سيخرجك من تلك الفوضى.

وإليك بالحقيقة: الناس.
حتى العاديين منهم.
ليسوا أبداً شخص واحد بمجموعة واحدة من الصفات.
الأمر ليس بهذه البساطة.
نحن جميعاً تحت رحمة النظام العضوي.
دفقات كهربية تتدفق خلال المخ.
كل إنسان مُقّسم لــ24 ساعة/جزء.
إنه التمثيل الصامت اليومي.
إنسان قوي فيك يتحكم في آخر خاضع: خشبة مسرح مزدحمة بمأجورين يصرخون لتأدية دورهم تحت الأضواء.
كل أسبوع.
كل يوم.
إنسان غاضب يمسك العصا مهدداً آخر مغلوب على أمره.
الذي بدوره يفعل المثل نحو آخر عبد للجنس.
الانطوائي.
الاجتماعي.
كل إنسان عبارة عن مجموعة.
عصابة مُسلسلة من البلهاء.

تلك هي مأساة الحياة.
فلدقائق قليلة من كل يوم.
كل إنسان يعتقد أنه عبقري.
في لحظات تجلِّي وبصيرة.
بغض النظر عن رأيك فيه.
السُحُب تتجزأ.
الكواكب تسير في مدار ثابت بانتظام.
وكل شئ يتضح.
ينبغي أن أقلع عن التدخين.
ربما.
أو كيف سأصنع أول مليون بسرعة.
أو أو كل هذا هو مفتاح السعادة الأبدية.
تلك هي الحقيقة البائسة.
للحظات قليلة.
أسرار الكون تتكشف لنا.
فالحياة عبارة عن صالة انتظار تستقبل فيها خدعة سخيفة.

سواء أن كنت عبقرياً.
أو جاهلاً.
فيجب أن تُسلِم بالسيطرة للرجل القادم بالحَربة.
حتى لو كان جل طموحه أن يأكل شرائح البطاطس.
فالبصيرة والذكاء والخلاص.
كُلُها عُهدَت إلى معتوه أو عُدواني أو ميت.

السبيل الوحيد للخروج من هذه الفوضى.
بالطبع.
هو أن تتخذ خطوات لضمان أنك سوف تسيطر على السذج الذين ستصبحهم.
لتأخذ عصابتك المُسلسلة.
يداً بيد.
وتقودها.
وأفضل طريقة لفعل ذلك هو صنع قائمة.

والأمر يشبه أن تكتب خطاب لنفسك.
الخطة الرئيسية.
يجب أن تصاغ بواسطة رجل يرى النور.
بخطوات بسيطة تكفي ليفهمها بقية البلهاء.
اتبع الخطوات من الأولى حتى المئة.
واعد حسب الضرورة.

مشكلتك أصعب نوعاً ما.
ربما.
لكن الأساس شئ ثابت.

والأمر يشبه لعبة الكومبيوتر في شئ.
الغرفة الصينية.
أتذكرها؟
رجل يجلس في غرفة صغيرة.
يضع أوراقاً بحروف بلغة لا يفهمها.
تضع حرف في وقت متتابع حسب تعليمات آخر.
الأوراق تبدو أنها تُكون طرفة صينية.
الرجل لا يفهم الصينية.
بالطبع.
لكنه فقط يتبع التعليمات.

هناك بعض الاختلافات الواضحة في موقفك.
بالطبع: أنت هربت من الغرفة التي احتجزوك فيها.
لذا يجب أن تتحمل مسئولية ما ستشرع على فعله.
والرجل الذي يعطي التعليمات.
هو أنت.
أيضاً.
فقط نسخة حديثة منك.
والدعابة التي تتلوها.
حسن.
لقد وصلت للحد الفاصل.
أنا فقط لا اعتقد أن أي شخص سيجد ما تفعله طريفاً.

تلك هي الفكرة.
كل ما عليك عمله هو اتباع التعليمات.
كصعود سُلَم أو نزوله.
كل خطوة تحدث في وقت محدد.
حتى تصل لذيل القائمة.
الأمر بسيط.

والسر.
بالطبع.
ضعه في مكان تقدر على رؤيته دوماً.

يسمع ضجيجاً بعينين مغمضة.
بإصرار.
يمد يده للمُنبه.
لكنه يعجز عن تحريك ذراعه.

يفتح إيرل عينيه ليرى رجل ضخم يميل عليه بشدة.
الرجل ينظر إليه.
يتضايق.
يعود لعمله.
إيرل ينظر حوله.
مظلم جداً على كونه مكتب طبيب.

ثم ألم يكاد يُفجِّر مُخه.
يقطع مرور الأسئلة داخل مخه.
يتلوى من جديد.
يحاول مد ساعده بعيد.
يشعر بألم حارق.
الذراع لا يتحرك.
لكن الرجل يتضايق ثانية.
يظبط إيرل نفسه على الكرسي ليرى مقدمة رأس الرجل.

الضجيج والألم كان مَصدرهما مسدس في يد الرجل.
مسدس لكن بإبرة في نهايته بدلاً من الماسورة.
الإبرة تنغرس بداخل باطن ساعد إيرل.
تاركة آثار حروف كبيرة خلفها.

إيرل يحاول أن يعيد تنظيم جلسته ليحصل على رؤية أفضل.
ليقرأ الحروف التي على ذراعه.
لكنه لم يستطع.
يضجع محدقاً نحو السقف.

في نهاية المطاف.
فنان الوشم يوقف الضجيج.
يمسح ساعد إيرل بقطعة شاش.
ويتناول من الخلف نوتة صغيرة تصف كيفية التعامل مع عدوى محتملة.
ربما سيخبر زوجته فيما بعد عن الرجل ذو الملاحظات الصغيرة.
ربما ستقنعه زوجته بطلب الشرطة.

إيرل ينظر لذراعه.
الحروف تظهر على الجلد.
لم تجف بعد.
تجري خلف ساعة يده لتكمل طريقها حتى نهاية الساعد.
إيرل يرمش عندما يقرأ الرسالة فيقرأها ثانية.
تقول.
بحروف تاجية صغيرة.
أنا اغتصبت وقتلت زوجتك.

إنه عيد ميلادك اليوم.
لذا فقد أحضرت لك هدية صغيرة.
كان من الممكن أن أجلب لك بعض الجعة.
لكن من يدري أين ستنهيها؟

بدلاً من ذلك.
ابتعت لك جرساً.
أعتقد أني سأضطر لرهن ساعتك لتشتريه.
فلماذا بحق الجحيم تحتاج لساعة.
على أية حال؟

محتمل أن تسأل نفسك.
لمَ الجرس؟
أخمن أنك بصدد أن تسأل نفسك هذا السؤال عند كل مرة تجده في جيبك.
الآن هناك الكثير من الحروف.
لتحفرها في كل وقت تريد أن تعرف فيه الإجابة على بعض الأسئلة القصيرة.

هي دعابة.
بالتأكيد.
دعابة عملية.
لكن فكر فيها بهذه الطريقة: أنا لا أضحك عليك حقا بقدر ما أضحك معك.

أريدك أن تتذكر أنه في كل مرة ستُخرجه من جيبك وتتساءل.
لماذا احتفظ بجرس؟
جزء صغير منك.
قطعة صغيرة من مخك المدهوس.
ستتذكر وستضحك.
كما أضحك الآن.

إلى جانب ذلك.
أنت تعرف الإجابة.
هي كانت شئ تعلمته من قبل.
فلو فكرت فيه.
فستعرفه.

قديما في الأيام الغابرة.
كان الناس خاضعين لهاجس الخوف من أن يُدفنوا أحياءاً.
أنت تذكر الآن؟
لم يكن الطب متقدم كما هو الآن.
ولم يكن غير شائع للناس أن يستيقظوا في توابيت.
لذا فقد ابتاع الاغنياء أكفان بأنابيب تنفس.
أنابيب صغيرة تمر خلال الطين للهواء الطلق فلو استيقظ أحدهم من دون أن يحتسب فلن يشكو من ندرة الأكسجين.
الآن.
وجب عليهم اختبار هذا والـتأكد من صحته ومن قدرة الفرد على الصياح بصوت عالِ من خلال الأنبوب.
لكنه كان أضيق من أن يتحمل ذلك الصياح المزعج.
ليس كافِ لجذب الانتباه.
على الأقل.
لذا فقد أوصلوا الأنبوب بخيط ينتهي بجرس صغير مربوط بشاهد القبر.
لو عاد الميت للحياة.
فكل ما عليه فعله هو جذب خيط الجرس حتى يسمعه أحد ما ليخرجه ثانية.

أنا أضحك الآن.
تخيل نفسك في حافلة أو ربما في مطعم وجبات سريعة.
تضع يدك في جيبك لتجد جرس صغير وتسأل نفسك من أين جاء.
لماذا تمتلكه.
ربما ستجعله يرن.

عيد ميلاد سعيد.
يا رفيق.

لا أدري كيف خرجت بحل للمشكلة المتبادلة بيننا.
ولا أعلم أأُبارك لك أم لي.
تغيير بسيط في نمط حياتك.
افتراضاً.
لكن بحل بسيط.
مع ذلك.

انظر لنفسك تجد الإجابة.

هذا يبدو كرقم إيداع لمنتج ما.
لا أعلم متى فكرت في هذا.
لكني أرفع لك القبعة.
ليس ما تعرفه هو ما أتحدث عنه بحق الجحيم.
لكن.
بأمانة.
هو توارد أفكار حقيقي.
فضلاً عن ذلك.
أي شخص في حاجة لمرايا لتذكر نفسه من يكون.
أنت غير مختلف.

الصوت الآلي الضعيف يتوقف.
ثم يُعاد ثانية.
هو يقول.
"الساعة الآن الـ 8:00 صباحاً.
هذا نداء آلي."
إيرل يفتح عينيه ويضع سماعة الهاتف.
الهاتف موضوع على حافة السرير الخشبية.
المحيطة بالسرير من الخلف.
المنثنية عند ركنه.
التي تنتهي متلامسة مع كومود مجاور.
التلفاز لا يزال يبث.
نُقط من ألوان زاهية تتداخل مع بعضها البعض.
إيرل يضجع ويفاجئ برؤيته لنفسه.
هو أكبر الآن.
أنحف.
شعره متباعد عن رأسه كأشعة الشمس.
المرآة التي على السقف مشروخة.
الإطار الفضي علاه الصدأ.
إيرل يواصل التحديق في نفسه.
يُدهش مما يرى.
كان يلبس كامل ملابسه.
لكنها ملابس قديمة.
بالية.

إيرل يتحسس العلامة المألوفة على رسغه الأيسر التي كانت قد تكونت من تأثير ارتدائه ساعة اليد.
لكنها اختفت.
العلامة غير موجودة ولون جلده عاد للطبيعي.
كما لو انه لم يرتدِ ساعة أبداً.
كان لون جلده طبيعياً ماعدا سهم كبير أسود مرسوم بباطن رسغه.
يشير إلى كُمِّه.
يحدق لوهلة في السهم.
ربما لم يحاول أن يمسح العلامة طويلاً.
يثني كمه.

السهم يشير لجملة موشومة على طول باطن ذراع إيرل.
إيرل يقرأ الجملة مرة.
ربما مرتان.
سهم آخر يظهر عند بداية الجملة.
يشير بعيداً لأعلى ذراع إيرل.
يختفي خلف الكم المثني.
يفك أزرار قميصه.

ينظر على صدره.
يتعرف على الرموز المرسومة عليه دون القدرة على ربطها ببعضها البعض.
ينظر للمرآة التي فوقه.

السهم يترك ذراع إيرل.
ليعبر الكتف.
ويهبط على الجذع العلوي.
منتهياً بصورة رجل تشغل معظم صدره.
الوجه لرجل ضخم.
أصلع.
بشارب وسكسوكة.
هو وجه مميز.
لكنه غير متقن الجودة كلوحات فناني الشرطة.

باقي جذعه العلوي مُغطى بكلمات.
عبارات.
معلومات.
وتعليمات.
كُلها مكتوبة بصورة معكوسة على جسده.
تُرى بالمرآة.

في النهاية إيرل ينتصب واقفاً.
ويُزرِّر قميصه.
ويذهب للمكتب.
يتناول قلم وورقة ملاحظات من درج المكتب.
يجلس.
ويبدأ الكتابة.

لا أعلم أين ستكون عندما تقرأ هذا.
أنا حتى لست متأكداً لو كنت ستتضايق من قراءة هذا.
أعتقد أنك لست في حاجة لهذا.

عَيبُّ.
حقاً.
كوننا لن نتلاقى أبداً.
لكن.
كما تقول الأغنية.
"أثناء ما تقرأ تلك الملاحظة.
سأكون قد غادرتك."

نحن قريبان جداً الآن.
هذا ما نشعر به.
قطع كثيرة تُوضع مُجمعة.
وتتشكل.
أعتقد أنها مسألة وقت حتى تجده.

من يعرف ما الذي فعلناه لنصل إلى هنا؟
لا بد أنها حكاية ملعونة.
لو فقط استطعت أن تتذكر أي منها.
أعتقد أنه من الأفضل ألا تستطيع.

واتتني فكرة الآن.
ربما ستجدها مفيدة.

كل شخص ينتظر النهاية القادمة.
لكن ماذا لو كانت قد تجاوزتنا؟
ماذا لو كانت النهاية الهزلية ليوم القيامة قد أتت وانتهت ونحن لم نكن الصالحين؟
القيامة تصل بهدوء: الصالحون أُلقوا في الجنة.
وبقيتنا.
الذين فشلوا في الاختبار.
يستمرون على غفلتهم.
سهواً.
ميتين بالفعل.
يهيمون طويلاً بعدما توقفت الآلهة عن تسجيل الحسنات.
ولا يزالوا يتفائلون بمستقبلهم.

أظن لو كان هذا حقيقي.
فلا يهم ما ستفعله.
لا استثناءات.
لو لم تستطع إيجاده.
لا يهم هذا.
فلا شئ يهم.
ثم لو وجدته.
ستستطيع أن تقتله دون قلق من العواقب.
لأنه لا توجد عواقب.

هذا ما أفكر فيه الآن.
في هذه الغرفة الحقيرة الصغيرة.
صور سفن مؤطرة على الحائط.
لا أعلم أين نحن.
صراحة.
لكني لو خمنت.
فسأقول أننا في مكان ما على الشاطئ.
لو تساءلت لماذا ذراعك الأيسر أغمق بخمس مرات من الأيمن.
فلا أعلم بمَ سوف أخبرك.
أعتقد أننا كنا نقود من مدة.
و.
لا.
لا أعلم ما الذي حدث لساعتك.

وكل هذه المفاتيح: ليس لدي فكرة.
لا استطيع أن أميز أياً منها.
مفاتيح السيارة ومفاتيح المنزل ومفاتيح الأقفال الصغيرة.
ما الذي وصلنا اليه؟

أتساءل هل سيشعر بالغباء عندما تجده.
قُبض عليه بواسطة رجل العشر دقائق.
اُغتيل بواسطة نبتة.

سأكون قد ذهبت في لحظة.
سأضع القلم.
وأغمض عينيِّ.
فيمكنك قراءة هذا لو أردت.

أنا فقط أريدك أن تعلم أني فخور بك.
لا أحد باقِ سيهتم بقول هذا.
لا أحد باقِ يريد هذا.

عينا إيرل كانت مفتوحة بشدة.
يحدق بها خلال نافذة السيارة.
عينان مبتسمة.
تبتسم من خلف النافذة ناظرة للجمع الغفير من الناس في الشارع.
احتشد الناس حول الجسد عند المدخل.
الجسد ينزف ببطء على الرصيف وعلى طريق عبور السيارات.

رجل ممتلئ.
مطرق الوجه.
عيناه مفتوحتان.
أصلع الرأس.
بسكسوكة.
يحتضر.
كما في لوحات فناني الشرطة.
الوجه بالظبط مثله.
هو بالتحديد الشخص المقصود على وجه الخصوص.
لكن حقاً.
قد يكون أي شخص غيره.

إيرل لا يزال مبتسماً للجسد عندما انطلقت السيارة بعيداً عن الحادث.
السيارة؟
من ليقول؟
ربما عربة الشرطة.
ربما فقط سيارة أجرة.

بعدما اختفت السيارة وسط الزحام.
عينا إيرل تواصل لمعانها في الليل.
لا تزال ترقب الجسد حتى اختفى تماماً خلف مجموعة من المارة.
يضحك بخفوت بينما تذهب السيارة بعيداً.

ابتسامة إيرل تختفي تدريجياً.
هناك شئ ما قد حدث له.
يبدأ في تحسس جيوبه.
بلا اهتمام في البداية.
كرجل يبحث عن مفاتيحه.
بعدها يولي العملية اهتمام أكثر.
ربما يتوقف بحثه لو اكتشف أن يديه مغلولتان.
يفرغ كل جيوبه على الكرسي المجاور.
بعض الأموال.
ميدالية مفاتيح.
بعض الاوراق.

قطعة معدنية دائرية تسقط من جيبه وتتدحرج على المقعد بجواره.
إيرل غاضب الآن.
يدق على الفاصل البلاستيكي الذي بينه وبين السائق.
يطلب منه قلم.
قد يكون السائق لا يتكلم الأنجليزية جيداً.
قد تكون من عادة الشرطي عدم التحدث مع المتهمين.
في كلتا الحالتين.
العازل بين الرجل في المقدمة وبين الرجل في المؤخرة لايزال مغلق.
وحصوله على قلم ليس سهل المنال.

السيارة تمر على بالوعة.
إيرل يرمش أمام انعكاس وجهه في المرآة الخلفية.
هو هادئ الآن.
السائق يميل بالعربة فجأة.
فتنحدر القطعة المعدنية لتصل تحت رجل إيرل مصدرة صوت ضعيف.
يلتقطها وينظر إليها.
بفضول.
هو جرس صغير.
جرس صغير معدني.
مسجل عليه إسمه ومجموعة من التواريخ.
يتعرف على أول واحد: تاريخ ميلاده.
لكن الثاني لا يعني شيئاً له.
لا شئ على الإطلاق.

يقلب الجرس بين يديه.
يلاحظ المنطقة الشاغرة على رسغه حيث اعتادت ساعته على أن تستقر هناك.
هناك سهم صغير.
يشير لذراعه.
إيرل ينظر للسهم.
ثم يبدأ في ثني كمه.

"أنت ستتأخر على جنازتك."
كما تقول هي.
أتذكر؟
كلما أفكر في هذا.
أراه أكثر ابتذالاً.
أي أبله تكونه.
ومع ذلك.
هل هناك أي نوع من العجلة لنُنهي القصة؟

وكيف سأعرف - أنا - لو تأخرت.
على أي حال؟
لا أمتلك ساعة بعد الآن.
لا أعلم ماذا سنفعل بها.

لماذا تريد ساعة بحق الجحيم؟
كانت حمل زائد تجره على رسغك.
رمز لما كنت عليه.
عندما كنت تؤمن بالوقت.

لا.
تجاهل هذا.
ليس صعباً عليك أن تفقد إيمانك بالوقت كما فقد الوقت إيمانه بك.
ومن يحتاجه.
على أي حال؟
من يحتاج لأن يكون واحد من هؤلاء السذج الذين يأملوا العيش بأمان في وهم المستقبل.
في أمان للحظة بعد لحظة شعروا فيها بالقوة؟
يعيشون اللحظة القادمة.
التي فيها لن يشعروا بشئ.
ازحف خارج جدار الوقت.
بعيدا عن الناس الذين صنعوا أشياءاً تافهة لأنفسهم.
يصدقون الكذبة التي تقول أن الوقت سيشفي كل الجروح.
هي مجرد طريقة جديدة نقول فيها أن الوقت يُميتنا.

لكنك مختلف.
أنت أكثر كمالاً.
الوقت عبارة عن 3 أشياء لمعظم الناس.
لكن بالنسبة لك.
بالنسبة لنا.
هو فقط شئ واحد.
ننفرد بهذا.
لحظة واحدة.
هذه اللحظة.
وكأنك في منتصف الساعة.
في المحور الذي تمر عليه العقارب.
الوقت يتحرك حولك لكن أبداً لن يحركك.
هو فقد قدرته على التأثير عليك.
ما الذي يقولونه؟
الوقت سرقك؟
لكنه لن يفعل هذا معك.
اغمض عينيك وابدأ كل هذا ثانية.
لَبِ رغبات أحاسيسك الأولية.
النضرة كالورد.

الوقت ما هو إلا سخف.
شئ غامض.
الشئ الوحيد الذي يَهم هو هذه اللحظة.
هذه اللحظة التي مرت مليون مرة.
يجب أن تثق بي.
لو أعيدت هذه اللحظة ثانية.
لو بقيت على محاولتك-ويجب أن تبقى-لتعبر إلى المطاف التالي في قائمتك.
حتى النهاية.

(تمت)
..............
لمتابعة النص الأصلي..اضغط هنا